ما أَسْوَأ أن تكون شخصا مثيرا للضجر والتأفف!، وكم هو بديع أن تكون غير ذلك!.

عندما تكون في مسيرة حياتك قصص تستحق الاستماع والتدوين، ونائية عن السآمة والتكرارية وجناس المواقف. كما قال ذلك الشاعر المفوّه من العصر الأندلسي:

ما لذة العيش إلا في علا وطلا *** ووصل حب بلا صد ولا ملل

لا شك أن هناك كثيرا ممن حولك يتطلع إليك بأوار وعطش شديد، للنهل من تجاربك التي رصدتها بحنكة ودراية، وصغتها من بواعث ومؤثرات وليدة الساعة واللحظة، وليست من دماغ مشاء، نقل رُعُونَةٌ بلا تدبير، إلى موقفك العابر بلا مستند ولا شهادة، فهي مجرد تُرَّهَة!.

هناك عدد منا يود أن ينعت بالمرح، أو بالساحر الخلاب، أو بالحاذق المتبصر، ولكن مطلقا ليس بالمثير للتبرم!.

فلماذا تظنون ذلك؟، لماذا قد نقبل بأن يكون معنا عدد من الرفاق ما عدا هذه الفئة «زمرة لا شيء مثير للاهتمام»!

شخص ممل، عادةً البقاء معه موجع لمهجتك وخلدك المتخم بالحماس والإقدام!

ربما جميعكم الآن تتساءلون: ما هيئتهم أو مزاياهم؟ هل يا ترى أنا من حزب «لا شيء مثير للمبالاة والاهتمام»؟.

بعض من صفاتهم الشكوى بلا نهاية، أو كائن جالس بجوارك في دائرتك ولكن غائب الحوار والعاطفة، أو ربما فقط يحسن الحديث بلا أمد عن نفسه، ودائم الوقوع في غيره ولسان حاله يقول «أنا أفضل من الجميع، كما ذكر أحد تابعي التابعين الأوزاعي، رحمه الله، «إذا سمعت أحداً يقع في غيره، فاعلم أنه إنما يقول أنا خيرٌ منه».

لا يعي علم البشاشة وليس لديه الفراسة بثقافة «الحياة بشغف»، حياتهم أشبه بأنفاس، لا جد ولا عمل، ولا اكتمال عليا ولا بهاء دنيا! يصفهم ذلك القول المأثور «إذا لم تزد على الحياة شيئا تكن أنت زائدا عليها»، ولا يفطن للمعنى الجميل لشاعرنا من العصر الحديث قاسم حداد «كلما أرخيت أحلامي على حجرٍ مشى»، فلتفحص نفسك، هل مللت من مللك؟! وكونك مثيرا للملل لكل من حولك ومن حياتك المملة؟!.

إذا نعم، فلتحاول أن تصبح الحياة مملة دونك: كما قال فاروق جويدة في قصيدته الأرض والإنسان:

ولطالما سلك الفؤاد مدائنا *** وبقيت وحدك قبلة ومزارا

أنصت لمن يحاورك بدلا من كيف ستعرب عن شخصيتك الحسناء أمامه.

اهتم بمحدثك بدلا من سرقة الحوار منه، وافطن لتفاصيل ملامح من يتخاطب معك، هل حواره مليء بالتفاصيل؟ وكم يستلزم من الوقت؟، و متى يتوقف؟ ومتى يتأملك مترقبا قولك وخطابك؟ واحذر أن تكون ثرثارا فتصبح رقبتك معرضة للقطع كما في قصيدة إيليا أبو ماضي «وهذه رقبة ثرثار *** ولتذهب الروح إلى النّار».