عن دار جداول للنشر، وفي قصصه القصيرة التي حملت عنوان «تجريف»، يطوف بنا الزميل بندر خليل، وعبر 74 نصاً في 195 صفحة من القطع المتوسط في أسرار أبها، وسيرة جبالها، ملخصاً ومبرراً لإصداره بغلاف أخير، قال فيه «لا أحد في المدينة، ولا أحد في القرية، ففي ظل انقراض المجتمع العسيري فاقداً تباينه وخصائصه الفريدة من نوعها، ثمة انقراض مواز لمجتمع القرية أيضاً، وهو التكتلات الاجتماعية التي في الأصل تعيش على الزراعة وتمتد بقعتها بشكل متصاعد نحو سفوح الجبال»، ويصر خليل، على أن «الانجراف» الاجتماعي «خارج محيط البيئة المحدودة الضيقة وذات الأفق الاقتصادي والتنموي شبه المسدود في مدينة أبها وقراها» استلزم أن تتفاعل «الطبيعة بدورها»، شارحاً الأمر بكثير من البساطة «ما حدث ويحدث للطبيعة والغطاء النباتي في عسير الآن، يمكن تفسيره في سياق ما حدث من تحولات اجتماعية ماثلة في شخصية المكان وظواهرها الاجتماعية.. فكان تجريف التربة الذي تعانيه عسير عموما بسبب الانتشار والزحف العمراني والتعامل الجائر مع الطبيعة، فضلا عن التطورات المناخية الحديثة وغيرها من الأسباب، كان تجريفا بيئيا وإنسانيا على حد سواء».

قصص قصيرة

يتمرد خليل في نصوصه التي وضعها تحت تصنيف «قصص قصيرة» على القواعد الناظمة لفن القص، وعلى الأخص القصص القصيرة، فهو يستجمع كثيراً من شروطها لكنه، يخلط بتعمد جلي بين الذاتي والذكريات، في تعريجه النابض بحب المدينة وقراها، مبتدئاً بالقرية، كأنما يسطر صك براءة مبكرا، يقول فيه «علمتني القرية أن أكون وفياً، لا أخون شيئاً ولا أحداً».

وفي نص يحمل عنوان «أبها» يقول «ما هي أبها؟، وأجيب فيما السماء تبدو كأنها تحترق، إنها مدينة الراغبين في لا شيء، مدينة الساكتين عن كل شيء، مدينة المنتظرين.. الجميع في انتظار حدوث شيء ما، في انتظار فرج أو كارثة كبرى»، ويتابع «مدينة عجيبة، كلها أسرار، أسرار مكشوفة، مهما كان صمتها محكما الحقيقة تنطق في كل مكان».

خروج

وقبل أن يختم بقليل، يقدم خليل شيئاً ما يشبه الخلاصة، فيقول «الشارع الذي خرجت إليه طفلا حافيا يلهو بلا تعب، وذهبت عبره إلى كل مكان ومن ثم عرفت من خلاله كل شيء، خرجت إليه كهلاً، فلم أعرفني».