عاشت الصورة جذابة للبشر منذ القدم، فراحوا يعبرون عن تعلقهم بها بنقوش على الحجارة، أو بالقلم، أو الريشة، أو الآلة. اليوم ومع توافر آلة التصوير في الهواتف المحمولة صار التصوير غاية في السهولة، بل مجالا رحبا لإبراز كثير من المواهب فيه، ومن خلاله عبر الناس عن اهتماماتهم، وميولهم، والأشياء التي تجذبهم، وصارت الصورة لغة عالمية يتبادلها الناس، وأخذت تختزل مئات الكلمات والعبارات في مساحة صغيرة في محيطها، ثرية بإيحاءاتها وأسرارها ومدلولاتها.

لكن ما يؤخذ على البعض هو عدم توجيه هذه الموهبة التوجيه الصحيح، وعدم إشباع هذه الرغبة الملحة في التصوير الإشباع السليم، وذلك من خلال التقاطهم صورا تستهوي الناس، وتجعلهم يقفون أمامها متذوقين، وباحثين في أسرارها وما تخفيه من مضامين، وهي الصور التي سيُكتب لها البقاء والخلود، حين راحوا يسرفون في التقاط صور لكل دقائق حياتهم الخاصة وما فيها من مركبات ومأكولات ومشروبات وألبسة في مبالغة زائدة بعيدة عن الذوق، ونائية عن مراعاة شعور الآخرين من معدمين ومحتاجين!

قال الشاعر العربي:

يجعل الله للمعالي أناسًا

وأناسًا لقصعة وثريد

ويقول رالف هاترسلي ( Ralph Hattersley ): نلتقط الصور كي نفهم ماذا تعني الحياة بالنسبة لنا؟!

والنساء هن أكثر من يحرصن على تصوير الخصوصيات، لأن عالمهن الخاص عالم تنافسي، ولذا فكثيرات منهن يحرصن على إبراز ما لديهن في رسالة واضحة للجميع توحي بالكمال والاكتفاء والتميز، وقليلات ممن أدركن قيمة الصورة وأهميتها يحرصن على التقاط الصورة القيمة، وإرسال الصورة الثرية.

إن الصورة يجب ألا تقتل باللحظة الوقتية الباهتة المغرقة في الذاتية، وأن تتجاوز الخصوصية إلى فضاءات أرحب وأوسع وأشمل، وذلك حين تشاركها الآخرين، فتجذبهم، وتجعلهم يتعايشون معها، تتغلغل في أعماقهم، وتلامس شعورا خاصا فيهم، فيهتز لها وتر الإحساس، ويهتف عندها صوت الإعجاب!

يقول إيرفينج بن (Irving Penn):

الصورة المميزة هي التي تتصل بالحقيقة، تلامس القلب، وتجعل الناظر إليها إنسانا مختلفا تماما، إنها الصورة الفعالة.