إن نكران الجميل وقلة الوفاء من الأخلاق الذميمة، وهو دليل على سوء الخلق وقلة المروءة وأنانية النفس. كما أن الأخلاق الحميدة تفرض على الإنسان أن يكون شاكرا للجميل حافظا للودّ غير ناسٍ للمعروف. إن النفس السوية تحب من أحسن إليها، بل إن ذلك الإحسان يغسل القلب من الأحقاد ويجعله نقيا صافيا، ورغم أن الاعتراف بالجميل أصبح عملة نادرة إلا أنه لا يزال موجودا، وهذا ما شخصه الغالبية الكبرى الذين اعترفوا بدور المملكة العربية السعودية في مساعدة اللبنانيين، ووقوفها جنبا إلى جنب معهم في جميع المحن التي تعرض لها وطنهم. وبذلها الدائم لجميع فئات المجتمع اللبناني دون أي اعتبارات مذهبية أو طائفية. لقد تحدث كثير من عقلاء لبنان عن ذلك الدعم وحذروا من مغبة الانجرار وراء حزب يسعى إلى الدمار والخراب. تحدث العقلاء من اللبنانيين عن ذلك الدعم فقالوا إن هناك عشرات الآلاف من اللبنانيين موجودون بالسعودية، وأن 75 بالمئة من الصادرات الزراعية اللبنانية هي للسوق السعودي، كما أن الإحالات للداخل اللبناني تصل إلى 8 مليارات دولار من جميع دول العالم، منها 4 مليارات دولار من السعودية. كما انتقد أولئك العقلاء سكوت الحكومة اللبنانية عن دعم حزب الله لعصابة الحوثي من أجل الإضرار بأمن المملكة واستقرارها، وتساءلوا حتى متى نقابل جميل السعوديين بطعنات غادرة في ظهورهم. ولم يكن لبنان الأول من ناحية البذل والعطاء ولن يكون الأخير، فالسعودية وعبر تاريخها الطويل لم تسمح في يوم من الأيام للخلافات السياسية أو التصرفات الحزبية أو التعبئة الإعلامية أن تكون مانعا لدورها الإنساني والأخلاقي في مساعدة الشعوب، وأن الإنسان بقيمته وشخصه يجب ألا يكون ضحية للأجندة السياسية والمغامرات الحزبية. احتضنت جميع العرب والمسلمين بمختلف طوائفهم وأفكارهم وتوجهاتهم، ومنحتهم الأمن والأمان والعيش الرغيد، وبعد مضي عقود من الزمن ومع توجهات الدولة إلى تنفيذ رؤيتها وتطبيق أهدافها التي كان أحد محاورها التوطين في القطاع الحكومي والخاص، (وهذا حق مكفول لكل بلد). نقول ومع تنفيذ مشروع السعودة لعدد من الوظائف بدأت بعض الأصوات القبيحة (المحسوبة على الحزب الشيطاني) في نشر سمومها ونثر أكاذيبها، وأن ما يجري ليس سوى استهداف للبنانيين وكعقاب لحزب الله، وكأننا لا نعلم أن ذلك الحزب كان وما زال يستهدف أمن الخليج عامة والسعودية خاصة، والتاريخ ما زال يحتفظ بكثير من تلك الذكريات القبيحة.

إن النقد الصادق يكون عندما تتحرر النفس من وطأة العنصرية والمذهبية، وتحكم تلك النفس المبادئ والأخلاق والمنطق. وللأسف فإن هناك حقيقة واضحة مع هذا الحزب الطائفي الذي تشتد رغباته ومصالحه التوسعية على صوت المنطق، ويتحول صوت العقل مهما كان واضحا وجهوريا إلى همس لا يسمعه أحد من ذلك الحزب. إن استسلام أتباع الحزب لسيدهم أصبح هو كما حال الميت بين يدي المغسّل للموتى، فهل من أمل أن يفيق الجسد ويعود العقل؟