خلال الموسم الماضي، حضر ثُلّة من الحكام الأجانب، جُلّهم لم يفارق المشهد حتى باتت أسماؤهم معروفة، وأشكالهم مطبوعة في ذهن المتابع، جرّاء استمرارهم، وبالتالي دخلوا الأجواء المحمومة التي تغلّف صراع الدوري في الملعب وخارجه، باعتبار أن هؤلاء الحكام أصبحوا جزءا من المنظومة.

صحيح أنهم يحملون مسمى حكام أجانب، والحقيقة إنهم أشبه بالطواقم المحلية، لأنهم مستوطنون، ويعرفون كل ما يدور في الشارع الرياضي، ولا شك أن ذلك انعكس على القرارات التي يتخذونها، وتحديدا في غرفة «var»، التي كنا ننشد أنها حاسمة لكثير من الحالات الجدلية، لكن الأخطاء كانت غريبة، بل إن كثيرا من حكام الساحة لا يذهب لمشاهدة الحالة رغم تنبيهه إليها، على عكس ما كنّا نشاهد في القسم الأول، إذ شاهدنا قرارات مفصلية تدخّل فيها «var» وحسمها، ورغم مراراتها إلا أنها كانت مقبولة، لأنها جاءت بعد متابعة دقيقة، غير أن الأمر اختلف في القسم الثاني، فلم تعد هناك تلك الإجراءات التي تحسم الأمور، وخُيّل للمتابع من جراء اضطراد الأخطاء أن حكام «var» لم يعد لهم تأثير كالسابق، وأمام هذا المشهد تنامت الاستفهامات وطرحت التساؤلات حول الأسباب في انقلاب المعادلة بهذا الشكل، الذي ربما أرضى فريقا وامتعضت منه أخرى.

ولعل المحللين التحكيميين الذين يفنّدون اللقطات بعد نهاية كل جولة، كشفوا حالات غيّرت في مجرى المباراة، ولا تحدث من قاض يحمل شارة دولية، ننظر إليه بعين العافية، ومن خلفه مراقبون؟

وإذا ما استمرت تلك الموجة من التباين، فمن الأفضل العودة إلى الحكم المحلي الذي - بلا شك - يسعى إلى إثبات وجوده، وفي الوقت ذاته التأكيد على أنه لا يقل عن الخامات الأجنبية التي كلفت ملايين الريالات، وخلّفت أخطاء أسهمت في تغيير مجرى كثير من المباريات، والأكيد أن الصعيد التحكيمي يحتاج إلى كادر إداري متمكن، يضبط العملية ويدير الأمور باحترافية ويسلخ الإشكالات، لأن نجاح الدوري مرهون بتغييب أخطاء التحكيم الذي يعدّ الشريان الأساسي في عملية تسيير المنافسة، ووضعها على مرافئ الأمان.

ما حدث في الموسم الماضي يفترض ألا يمر مرور الكرام، ويتعين دراسة كل الأحداث من المعنيين للوصول إلى أفضل المؤشرات، وتغييب التقلبات التي جثمت على أروقة الاتحاد السعودي، ونجزم أن وجود رئيس متمكن يعرف كل الدهاليز والزوايا الغامضة والمكشوفة، سيصل إلى نقطة النجاح شريطة تعامله مع الواقع، وفق اللوائح والأنظمة التي تطبق على الجميع دون مواربة.