قال مراقبون إن التمسك بالوسطية ومكافحة التطرف والإرهاب برزا بشكل واضح في مباحثات القمم الخليجية والعربية والإسلامية، التي عقدت بمكة المكرمة، والبيانات الختامية الصادرة عن هذه القمم، مشيرين إلى كلمات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، "نحن أمة وسط، فلا تشدد ولا غلو، ويسرنا أن نرى علماء الأمة الإسلامية على هذا التعاون، لتوحيد آرائهم في القضايا المهمة، وخاصة ما يتعلق بمواجهة أفكار التطرف والإرهاب". وأوضح المرقبون، أن مكافحة الإرهاب والتطرف جاءت كأهم القضايا المطروحة على طاولة الشركاء الإقليميين بالقمم الثلاث بمكة المكرمة، مشيرين إلى أن المملكة العربية السعودية لديها تجربة فريدة في مكافحة الإرهاب، والتطرف عبر المنابر الفكرية والمراكز المتخصصة، ومن ثم فقد كانت مفيدة للدول المشاركة في قمم مكة.

التنوع والمصداقية

قال رئيس حملة السكينة لمواجهة التطرف في السعودية الدكتور عبدالمنعم المشوح لـ"الوطن"، إن التنوع والمصداقيّة والنّفس الطويل أبرز سِمات النموذج السعودي، ومنصّاته في معالجة التطرف ومواجهة الإرهاب "فِكريّا" ، مبينا أنه كلما تحرّكت السعودية بقوّة في الميدان، تتحركت بقوّة ضاربة في العقول والأفكار. وأضاف أن المملكة استطاعت كسر ثقافة التطرف والإرهاب، التي كانت تتصاعد عالميا، عبر خطابات تهييج وتحريض وعنصريّة، مؤكدا أن هذا النموذج السعودي "بكلّ مكوّناته" وبرامجه ومشاريعه لم يصل إلى درجة الموثوقية العالية والمصداقية الدولية إلا بالنفس الطويل من العمل الجادّ والدقيق والمتنوع للمساهمة في معالجة التطرف ومحاربة الإرهاب.

نموذج فريد

واعتبر عضو مجلس الشورى السابق الدكتور محمد آل زلفة ، أن المملكة عملت على إعادة مبدأ الوسطية بالعالم الإسلامي، عبر إزالة كل ما ألحق بالإسلام من تهم التطرف والإرهاب، وعقد المؤتمرات آخرها قمم مكة المكرمة الأخيرة، وأسست المراكز في كثير من عواصم العالم لمحاربة التطرف والانفتاح علي الثقافات الأخرى، كما جرمت كل الفرق المتطرفة، وعلي رأسهم جماعة الإخوان المسلمين وكل الفرق الإرهابية في العالم الإسلامي. وأضاف أن المملكة حزمت أمرها وتصدت بقوة لأصحاب الفكر المتطرف علي الصعيدين الأمني والفكري، ونجحت في تخليص البلاد من شرورهم، وأصبحت مثلا يحتذي في محاربتها لكل أشكال التطرف والعودة بالإسلام إلى طبيعته الوسطية، وهي بهذا تنطلق من واقع مسؤوليتها كقائدة للعالم الإسلامي، بإزالة كل ما ألحق بالإسلام من تهم التطرف والإرهاب.

الحاجة لقرار سياسي

وترى الباحثة الاجتماعية سلمى العلي، أن الدين الإسلامي هو دين الوسطية والاعتدال، والرجوع لهذا النهج ليس بالصعب على المسلمين، ولكنه بحاجة لقرار سياسي من كل دولة لتضع أنظمتها بشكل يضمن عودة الاعتدال لمجتمعاتها، ولتكون قادرة على تجاوز الإرهاصات السياسية والأيدلوجية التي خلفتها الحركات المتطرفة، والجماعات التي خرجت عن إجماع المسلمين ومنهجهم، مشيرة إلى أن المملكة أقامت المراكز الثقافية، ودعت إلى مؤتمرات، وقربت بين وجهات النظر، وعقدت حوارات لنشر هذه الثقافة، ليعود العالم الإسلامي لطبيعته الوسطية المعتدلة.

* أبرز المنصّات التي أطلقتها السعوديّة عالميا، وساهمت في معالجة التطرف والإرهاب:

1- مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب: أنشئ في 2011 بدعم سعودي، ويهدف إلى دعم الدول في تحقيق استراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب.

2- مركز الحرب الفكريّة: انطلق في العام 2017، ويُركّز على تقويم الخطاب الإسلامي، وتفكيك أدبيات التطرف والإرهاب، عبر تحرير المصطلحات.

3- مركز المناصحة والرعاية: وهو مؤسسة إصلاحية مختصة بعمليات المعالجة الفكرية للمتطرفين، تأسس في 2004 م، وأصبح مرجعا عالميا في عمليات مناصحة ورعاية الموقوفين في قضايا الإرهاب.

4 - حملة السكينة: يعد أوّل برنامج عالمي يستخدم أسس الدبلوماسية الرقمية في مواجهة ومعالجة التطرف ومكافحة الإرهاب "عبر الإنترنت" انطلق في العام 2003، ويقوم البرنامج على صناعة تيارات اعتدال ووسطية داخل بيئات الإنترنت.

5- مركز اعتدال: انطلق في 2017، ويقوم على رصد وتحليل الفكر المتطرف واستشرافه للتصدي له والوقاية منه، والتعاون مع الحكومات والمنظمات ذات العلاقة.

6- المكتب العربي لمكافحة التطرف والإرهاب التابع لأمانة وزراء الداخلية العرب، أنشىء برعاية سعوديّة، وقد وقعت المملكة اتفاقية مقر المكتب في 2016، ويعتمد على عدة برامج بحثية متميزة، استفادت منها الدول العربية ودول الاتحاد الأوروبي وغيرها.

7 . معهد الاعتدال: وهو نموذج للعمل المؤسسي المُتطوّر، يقوم على نشر ثقافة الاعتدال لمواجهة التحديات النابعة من تيارات التطرف بكافة أشكاله، حيث تطور من كونه كرسي للأمير خالد الفيصل للاعتدال في جامعة الملك عبدالعزيز إلى مركز الاعتدال ثم معهد، ويعتبر المعهد رائدا في فكرته على مستوى العالم.

8 . المحور الفكري في التحالف الإسلامي: جاء انطلاقا مع تشكيل التحالف الإسلامي في 2015 ، ويُركز على التصدي لنظريات وأطروحات الفكر الإرهابي، من خلال إيضاح حقيقة الإسلام الصحيح.