بين نهائي أبطال إفريقيا، وختام دوري أبطال أوروبا، كانت هناك مسافة عريضة من الخيال، كبُعد القارة الإفريقية عن الأوروبية.

الخيال الواسع الذي حلّق في تلك المواجهتين، يحوم حول الحكّام الذين أداروا اللقاءين، إذ تجلّى السلوفيني «دامير سوكومينا» في النزال الصعب الذي اصطدام فيه الإنجليزيان: ليفربول وتوتنهام، ونجح في إدارة المعركة الكروية ذات العيار الثقيل، بتعامله مع أحداثها بدقة فائقة، وقادها إلى بر الأمان. بل إن الحنق الإنجليزي الذي يلوح في مثل تلك المواجهات تلاشى تماما، وطال السلوفيني الثناء ممن تابع النزال المثير الذي احتضنته العاصمة الإسبانية مدريد.

وعلى النقيض، ثارت إشكالات في المقابلة الإفريقية، نتج عنها انسحاب الوداد المغربي احتجاجا على قرارات حكم المباراة الجامبي بكاري ومساعديه، الذين يرقبون التفاصيل الدقيقة في غرفة الفار.

اللافت، أن السلوفيني دامير لم تكن له حظوة في الدوري السعودي، بل إن أصابع الامتعاض نادت بإبعاده من قيادة المنافسات، في حين حضر الجامبي في النصف الثاني من سباق الدوري المحلي، بعد رحيل الإنجليزي كلاينبيرج الذي لم يكمل المشوار، وسط آراء متباينة حول عدم تكملته المهمة.

وبين تألق السلوفيني في مدريد، وسقوط الجامبي في تونس، لاحت كثير من التساؤلات: لماذا أُبعد دامير عن قيادة مباريات الدوري السعودي وهو الأكفأ؟ وظهر الجامبي في أكثر من لقاء يقود مباريات مهمة، ولاحت أخطاء أثّرت في نتائج اللقاءات، ورغم ذلك استمر ولم يُثَر حوله اعتراض؟!

في تصوري، أن ما حدث في تونس ومدريد يفترض ألا يمرّ مرور الكرام، ويجب أن نحافظ على حكام النخبة ونمنحهم الفرصة لإدارة المباريات الحساسة، بقدر ما مُنح السلوفيني الثقة من أعلى سلطة لقيادة أهم المقابلات الكروية عالميا، وهذا تأكيد على عُلوّ كعبه في المجال التحكيمي.

الأمر الآخر، يجب ألا نُقحِم عواطفنا في قراراتنا، وتجرّنا إلى الساحة السلبية لإرضاء طرف قد لا تكون نظرته شمولية، والأكيد أن هناك كوادر تحكيمية أجنبية يفترض أن نستفيد منها عندما تحضر، على سبيل المثال السلوفيني والصربي، ورئيس لجنة الحكام كلاينبيرج الذي يعدّ من أفضل حكام موسم 2017، والبقية التي غابت عن المشهد استجابة لبعض المطالب.

وكي نستفيد على الوجه المطلوب من القدرات الأجنبية للنهوض بالصعيد التحكيمي، لا بد من جلب الأميز حتى ولو خالف الرغبات، وتقييم الحكم في جودته من عدمها يفنّدها أصحاب الاختصاص، وما أرمي إليه حكام الخبرة المحليين لدينا ممن نثق في طرحهم، وقبل ذلك تاريخ الحكم، فهو الفيصل في مؤشر القيمة الفنية.

وختاما، إذا كنا ننشد نجاح الدوري المحلي، لا بد من تميز الصعيد التحكيمي لأنه حجر الأساس.