ظهر في وسائل التواصل الاجتماعي مقطعٌ لشاب «ما زال طفلا بناء على ما تم تحديده في اتفاقية حقوق الطفل الصادرة من المفوضية السامية للأمم المتحدة»، وظهر هذا الشاب البطل المغوار «الطفل»، وهو يكرر ما يفتخر به أبطال الاحتفالات الذين لا يهابهم إلا «سلك الضغط العالي» لأنهم -وبكل شجاعة- يقومون بالضغط على حديدة، لتقوم آلة كاملة تسمى «سلاح رشاش AK 47» أو مسدس أو غيره، بإطلاق النار.

وبما أن هذه الآلة مخترعة بجميع مكوناتها مع الطلقات التي داخلها، وتصميم آلية عملها وطريقة تفاعلاتها الداخلية، من شخص آخر غير بطلنا المغوار، فلماذا لديه ولدى مئات الآلاف حول العالم، قناعة بأن الضغط على حديدة هو من صفات الرجولة؟ أو ما يزيدها على الأقل، رغم أنها قطعة حديدة صغيرة، يقدر على الضغط عليها «المرأة والطفل الذي يدرس في المراحل التمهيدية، وبعض أنواع الحيوانات كالقردة وغيرها.. إلخ».

فكيف نشأ لدينا هذا الفكر، وإن كنا نعتقد أنه موروث، فلم يكن في عهد سيدنا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- قطعة سلاح رشاش، لذا فهو موروث قريب الأجل، منذ أن تمت برمجة العقل الرجولي الناقص بتعويض نقصه بحمل قطعة سلاح، لتتحقق الجملة الشهيرة التي قالها صمويل كولت، بعد اختراعه المسدس عام 1835 «الآن يتساوى الشجاع والجبان».

ألم يتسنّ لأصحابنا «الباحثون عن رجولة قطعة الحديد» متابعة إعلانات شركات الأسلحة عند قيامها بإعلان ترويجي لقطعة سلاح جديدة، إذ تقوم تلك الشركات بتصوير فتاة يعتقد بأنها فاتنة، ترتدي ملابس تغطي من مفاتنها ما قل ودل، لتقوم بالضغط على تلك الحديدة نفسها التي ضغط عليها بطلنا المغوار «الطفل» وغيره من ذوي العقول الطفولية، ومع ذلك ما زالت تلك الأنثى حتى يومنا هذا بكامل نعومتها وأنوثتها، ولم تتحول إلى الرجل الأخضر أو الكستنائي، لأنها ضغطت على هذه الحديدة المانحة لهرمونات الرجولة.

أخيرا: ما دام أننا توصلنا إلى قناعة أن ضغط «زناد السلاح في الهواء» لا يزيد الرجولة، فكيف لو علمنا أن إنسانا مسالما، يتعرض لعيار طائش بشكل شبه أسبوعي في مملكتنا الحبيبة، فماذا نحن فاعلون؟ أليس من الرجولة الحفاظ على حياة الإنسان؟ ألسنا ممن يجمع الديات المليونية لعتق رقبة إنسان؟ ألسنا ممن يتبرع بدمه لإنقاذ حياة إنسان؟ أليس من الشجاعة أن نربّي أبناءنا على ثقافة «ما الشجاعة في أن تضغط على حديدة؟».

نظرة للسماء: كل ما أرجعنا الشيء إلى أصله، بانت لنا حقيقته، حتى وإن زيفها الغالبية.