ينشر «حزب الله» اللبناني، الجماعة الوكيلة الإرهابية الرئيسة لإيران، عملاء في أوروبا منذ عدة سنوات. وفي يوليو 2013، بعد أن أُلقي اللوم على هذه الجماعة إثر تفجير حافلة سياحية في بلغاريا عام 2012، تحرّك «الاتحاد الأوروبي» أخيراً.

فقد صنّف «الاتحاد الأوروبي» القوات العسكرية في «حزب الله» وأجنحته الإرهابية كجماعات إرهابية، مقتدياً بنموذجٍ اعتمدته المملكة المتحدة. لكن ما يمكن انتقاده هو أن «الاتحاد» لم يصنّف المنظمة بأكملها. ووصف مسؤولون أوروبيون في ذلك الوقت عملية الإدراج على القائمة السوداء كخطوة تحذيرية وإنذار موجّه إلى «حزب الله». وقال وزير الخارجية الألماني «هذه إشارة إلى المنظمات الإرهابية. إذا هاجمتم إحدى دولنا الأوروبية، فستحصلون على الرد من جميعها».

ومع ذلك، يتضح اليوم أمرٌ واحدٌ وهو أن «حزب الله» لم يوقف أنشطته في أوروبا. فالجناح الإرهابي لـ«حزب الله» يستمر في تنفيذ مجموعة واسعة من عمليات الدعم المالي واللوجستي داخل أوروبا. ويشمل ذلك جمع الأموال عبر الاتجار بالمخدرات وغسل الأموال، وإدارة منظمات بواجهة خيرية، وشراء الأسلحة والمواد الكيميائية لصنع المتفجرات. كما تنخرط هذه الجماعة في الإرهاب، حيث تُرسل عملاء يحملون الجنسية الأوروبية لتنفيذ مخططات في الخارج أو حتى داخل أوروبا نفسها.

ومن بين الحالات المتعددة للنشاط الإجرامي لـ «حزب الله» في أوروبا، تبرز حالتان بشكل خاص. في أكتوبر 2015، تم توقيف ميسّرَيْن جنائيَيْن لـ«حزب الله» ضمن عمليات منسّقة في الولايات المتحدة وفرنسا. ففي أتلانتا اعتُقلت إيمان قبيسي بينما أُوقِف جوزيف الأسمر في باريس بتهم التآمر لغسل أموال مخدرات والاتجار بالأسلحة.

وكان عملاء من «إدارة مكافحة المخدرات» الأميركية قد اخترقوا شبكتهما. ومارست السلطات الفرنسية رقابةً عن كثب، محددةً خارطة التورط الجنائي الواسع النطاق لـ«حزب الله» في أوروبا.

وغسلت الشبكة أموالا في المملكة المتحدة، من بين أمورٍ أخرى، وعقدت اجتماعات في بلغاريا، وتفاخرت بالشركاء الجنائيين في قبرص والمجر، وتاجرت بالمخدرات عبر بلجيكا، وأقامت حسابات في فرنسا، وأشارت إلى منافع حصول العملاء على جوازات سفر إيطالية.

وتم فضح الحالة الثانية بعد أربعة أشهرٍ. فقد كشفَ تحقيقٌ دولي مكثّف أن «حزب الله» كان يُدير كياناً مختصّاً في الاتجار بالمخدرات وغسل الأموال عبر أوروبا وخارجها. وكانت الخطة تهدف إلى جمع الأموال لعمليات «حزب الله» الإرهابية وانتشاره العسكري في سورية.

وشملت «عملية الأرز» عدة وكالات أميركية معنية بإنفاذ القانون، بالإضافة إلى «يوروبول» و«يوروجست» والسلطات في فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبلجيكا. وتم إلقاء القبض على 15 شخصاً في مداهماتٍ في جميع أنحاء أوروبا، وتمت أخيراً إدانة عدد منهم في فرنسا في محاكماتٍ رَبطت بوضوح أنشطتهم بـ«حزب الله». والأمر الأكثر إثارة للقلق هو مؤامرات «حزب الله» الإرهابية في أوروبا التي تمت عرقلتها.

ويزداد أيضاً تجنيد «حزب الله» للعملاء الأوروبيين. فقد انخرط مواطنون فرنسيون وسويديون في المؤامرات الإرهابية للجماعة في بلغاريا وقبرص وتايلاند. وتورط مواطنون سويديون في مؤامراتٍ أخرى في قبرص وتايلاند. وتم اعتقال مواطن بريطاني مرتبط بـ«حزب الله» في أميركا الجنوبية.

لماذا يواصل «حزب الله» عملياته في أوروبا؟ لأنه قادر على ذلك.

ويشكّل قرار المملكة المتحدة بتوسيع نطاق تصنيفها لـ«حزب الله» ليشمل المنظّمة بأكملها في وقتٍ سابقٍ من هذا العام خطوةً في الاتجاه الصحيح. ومن الحكمة أن يحذو «الاتحاد الأوروبي» حذوها.

* مدير برنامج «راينهارد للاستخبارات ومكافحة الإرهاب»

* تيليجراف