«ماعندنا أسبرين» عبارة يرددها صيادلة منشآت وزارة الصحة منذ شهرين أو أكثر على أسماع مرضى السكري وجلطات الدماغ في العيادات الخارجية ومرضى متلازمة شرايين القلب ومرضى روماتيزم القلب وسرطان القولون وغيرهم.. ناهيك عن الأشخاص الطبيعيين الذين تجاوزوا الخمسين عامًا ويحتاجونه بانتظام للوقاية من الجلطات الدماغية والنوبات القلبية وسرطان القولون.. (فرقة الخدمات الوقائية الأميركية USPSTF )

مر الأسبرين الذي تنتجه بعض شركات الخليج في السنوات الأخيرة بمراحل تعثر عديدة تتمثل غالبيتها في أخطاء تصنيعية في بعض التشغيلات؛ وتأتي الجمعية العامة للغذاء والدواء مشكورة بإجبار الشركة المنتجة بسحب التشغيلات من السوق المحلية، ولعل الشركة الرائدة في هذا الخلل المتكرر شركة جلفار التي كانت آخر عثراتها قبل خمسة أشهر تقريبًا وجاء دور الغذاء الدواء مشكورًا بسحب ما طرحته في السوق.

السؤال الذي لا أعرف جوابه -ولعله هامشي بالنسبة لموضوعنا- لماذا لا تقوم جلفار بفحص العينات قبل طرحها للناس؟! وربما كان هذا الأمر هامشيًا جزئيًا فقط لكون هذه الشركة مساهمة بقوة في أزمة انقطاع الأسبرين؛ لكن السؤال الأكبر الذي يهم المريض هو لماذا لم تتعاقد وزارة الصحة مع شركة أخرى غير هذه الشركة «كثيرة الأخطاء» ؟! ولماذا لم تحل المشكلة ولو مؤقتًا بالشراء المباشر بدلًا من أن يشتري المريض بنفسه؟! كما فعلت قبل شهرين تقريبا بتوفير نوعية الأسبرين الأصلي الرائع جدًا الذي لم تصل جلفار إلى مستواه بعد، وأظنها بناء على سيرتها لن تصل.. لكن الوزارة وفرت هذه النوعية الجيدة بكميات ضئيلة جدًا حتى أن العبوة الواحدة تقسم على عشرين مريضًا تقريبا!

أسئلة أطرحها ويطرحها قبلي عشرات المرضى على أذني في العيادة وربما تبع هذه التساؤلات تعنيف لفظي لا ذنب لي فيه!

قبل الختام؛ فإن أخوف ما أخافه أن يصل النقص للكميات القليلة المحفوظة لحالات الطوارئ، عندها سيأتي مريض مصاب بجلطة دماغية حديثة CVA أو عرضية TIA أو سكتة قلبية ولن يجد أمامه العلاج المهم جدًا لحالته «الأسبرين»..

ختامًا؛ فإن الدولة أعزها الله خصصت هذا العام تحديدًا 33% من ميزانيتها لبندي الصحة والتعليم؛ أي الثلث من الميزانية البالغ 365 مليار ريال سعودي؛ رقم كهذا يفوق ميزانية دول بأكملها! فلماذا لا تتعاقد إذن الصحة مع شركات رائدة خصوصاً عندما نتحدث عن دواء بهذه الأهمية؛ ولعلي إن أوردت اسم شركة باير Bayer الألمانية لم أكن دعائيًا فهي من سجلت اسم Aspirin باسمها واعتمد عالميًا لأنها أثبتت نفسها ولم تفاجئنا بعيوب تصنيعية كما تفعل جلفار.. فما هو عذر وزارة الصحة حيال هذا الخلل «المزمن»؟!