منذ اندلاع ثورة الخميني 1979، وإسقاط حكم الشاه، أطلّت الفتنة برأسها من نافذة فارس، وأفلت شمس الاعتدال والسلام بقيامها. دولة فارسية الجغرافية، خبيثة الطوية، رافضية الديانة، يهودية الهوية. استترت باسم الإسلام، وتوشحت زورا بحب أهل البيت، توارثت المكر والخديعة كابرا عن كابر. كيانها أوهى من بيت العنكبوت. افتقر قاطنوها بحجة تصدير الثورة، وآذت الجار والصديق بأذرعها الأخطبوطية. أشد تلوُّناً من الحرباء ومراوغة من الثعلب.

وُجدت لتشق صف المسلمين وتفرّق كلمتهم، فوضعت السيف على رقابهم، فلم ترقب في مؤمن إلّاً ولا ذمّة. دولة جعلت قبلتها الملالي، ونجاتها المعممين، فاقت اليهودَ مكرا، وجاوزت النصارى جهلا.

أحفاد الشيطان، وأتباع الدجال. أجبن البشر عند اللقاء، دينهم التقيّة، ورزقهم الخُمُس. أسلافهم سلبوا الحاج وقتلوه، وأخلافهم صوّبوا سهامهم إلى القبلة.

بوابة الأعداء على بلاد الإسلام، وأعينهم على مقدّراتها، وطريقهم لسلب ثرواتها وخيراتها. تضطرم نارهم عند المحن، وتخبو عند المحن.

دولة تلهث كالكلب خلف مطامعها، ولو كانت لقمة في فم فقير، تنتعل أذنابها تارة باسم الأقليات، وتارة باسم حزب اللات، وتارة باسم أنصار الله.

تسللوا إلى بغداد الرشيد فأفسدوها، وبذروا فيها بذرة الفتنة والطائفية، فأهلكت الحرث والنسل، وقوّضت البناء، وسفكت الدماء. ظعنوا برحالهم إلى لبنان الخضراء فأحالوها إلى جحيم، ومنابع الماء إلى بحيرات دموية، زرعوا فيها نابتة السوء فغدت تهدد أمنها واستقرارها، ترتدي اللباس الأصفر، وتنعت أنفسها بحزب الله، وهم حزب اللات والشيطان.

دخلوا دمشق العزّ ومهد البطولات تحت جنح الظلام، فاستجارت الأرض بالسماء، هتكوا الأعراض وسلبوا المال ويتموا الأطفال ورمّلوا النساء، تحت ذريعة حماية المراقد المقدسة، فغدت بلاد أشباح، سكنتها الأوهام بعد السكان. حطّوا رحالهم في بلاد الإيمان والحكمة، بلاد العلم والعروبة، فأوهموا سفلة القوم بأنهم سادة، ووصفوا جهلاءهم بأنهم عقلاء، وأغدقوا على فقرائهم فشروا الذمم بثمن بخس دراهم معدودة، فسرعان ما انطوت النفوس على الخبث، وتلطخت أيديهم بالدم الحرام، فهذا يقتل والده، وذاك يقتل أخاه، والقائمة تطول. هُدّمت المآذن، وخُرّبت المساجد والجوامع، قصفوا المشافي والأسواق، رفعوا شعارات جوفاء: الموت لأميركا، اللعنة على اليهود، والنصر للإسلام.

انتهكوا المواثيق الإنسانية، فجنّدوا الأطفال والنساء، تحت ذريعة دعم الجبهات والمقاومة. دولة لم يعرف التاريخ أقذر منها، أشباهها من الحيوانات الفأرة، وما أدراك ما الفأرة؟!

نجسة العين ومفسدة المتاع، أُمرنا بقتلها في الحل والحرم.

بالأمس، وبعد اجتماع المسلمين -قيادةً وشعوبا- على صعيد مكة الطاهرة، فاتحدت كلمتهم على تجريم فعلتهم، برز كبيرهم الذي علّمهم السحر اسمه ظريف، وهو خفيف، مدّعياً دعم السلام وحفظ الجوار، تقيّة وتخفيّا، كالحيّة ناعمة الملمس وفي جوفها السم الزعاف.

وما هي إلا أيام قلائل -بإذن الله- وإذا بالسحر ينقلب على الساحر، ويتداعى المسلمون من كل حدب وصوب، لردعهم باللسان والبنان، وإلا فالسيف والسنان، وعندئذ تُقتل الفويسقة، ويُهدم دارها، ويعمّ الأمن والاستقرار، وبرهان ذلك بيانات القمم المكية، والتي صاغها العلماء والساسة، بقلب واحد ولسان واحد ورأي واحد.