أسرة (باناجة)، من الأسر العريقة في المملكة، ولها أصول وفروع في كثير من الدول المجاورة، وأفرادها معروفون بمكارم الأخلاق، والنبل، والريادة؛ ولا يمكن ذكر هذه الأسرة الكريمة، دون ذكر رموزها المتقدمين، ومنهم الشيخ عبدالله يوسف باناجة، المولود في جدة عام 1270، الذي أُخرج والده يوسف إلى قبرص، وأخذ معه أفراد أسرته، في قصة مشهورة، سميت «فتنة جدة»، وقعت في ذي القعدة عام 1274، وملخصها قيام القنصل الإنجليزي آنذاك بإثارة مشاعر الأهالي، وتطور الأمر إلى قتله والقنصل الفرنسي وبعض الأجانب المقيمين، وقيام الأسطول الإنجليزي بإرسال القطع العسكرية، وإطلاق القنابل على جدة، وإلحاق الخراب بها، وتعلم عبدالله في قبرص، وبعد وفاة والده، عاد مع والدته وأخيه عبدالرحمن إلى جدة، ولاختلاف في وجهات النظر مع أخيه محمد ترك جدة، واشتغل وهو خارجها بتجارة المجوهرات ذات التصاميم الفاخرة والمميزة، وبعد وفاة أخيه عاد عبدالله لجدة، واهتم بشراء العقارات، واشتهر بحسن تدبيره وجودة إدارته لها، وشيد مجموعة من القصور الفاخرة أبرزها قصر باناجة بجدة، الذي يعد من أبرز المعالم التراثية لجدة، في منطقة سوق الندا، وملاصق لمسجد الحنفي، ويضم قاعة استقبال كبرى، وكان جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله رحمة واسعة، يصلي في مقصورة القصر، ويستقبل فيها المواطنين والأهالي والوجهاء، ويناقش طلباتهم، وما يحتاجونه من خدمات، واستعملت كذلك كملتقى ومنتدى لأهل العلم والأدب والأعيان، ومركز أثناء الحج للضيوف والوجهاء، وله قصر آخر بمكة المكرمة، في مواجهة الحرم، بشعب علي، في منطقة الصفا، لاستقبال كبار الشخصيات، وكان مقرا للنشاطات الاجتماعية والأدبية، وقصر شهير في الطائف، يسمى الباخرة، في منطقة السلامة..

الشيخ عبدالله باناجة، لم ينجب، وورثه أخوه عبدالرحمن، الذي خلف ابنة اسمها أم السعد، تزوجها عبدالقادر باناجة، ابن بنت يوسف، وأنجبا عبدالوهاب، وعبدالعزيز، وسليمان؛ عرفت منهم جارنا الصالح العم سليمان، رحمه الله، وسعدت بمعرفة حفيد الثاني، وأقصد الدكتور عبدالإله عبدالعزيز باناجة، الذي فقدناه الجمعة قبل الماضي، بعد مسيرة حافلة، وثقة مستحقة، كتب عن بعضها بعض معاصريه وأقرانه، الذين عاشوا معه الاثنين والسبعين سنة الماضية..

عرفت الدكتور عبدالإله في صفر 1425، في لجنة تسمية الشوارع والميادين بجدة، التي سعدت بالانضمام إليها عام 1423، تحت رئاسة الدكتور الكبير رضا عبيد، وكان من الأعضاء الذين يحب غيرهم الاستماع إليهم، الدكتور النبيل راشد الراجح، حفظه الله، والدكتور عبدالإله، رحمه الله، الذي تولى رئاسة اللجنة بعد حوالي سنة ونصف السنة، واستطاع بما حباه الله من علم وفير، وأدب جم، وحرص بالغ أن يترك في قلوب معارفه ومحبيه أثرا بالغا على رحيله، جبر الله مصاب الجميع، وأخص بالذكر زوجته الفاضلة الدكتورة وفاء اليافي، وابنه عبدالعزيز، وإخوته، وأهله، وطلابه، وعارفي محاسنه.

@ABFadaaq