امتدادا لمقالنا السابق بعنوان «توطين بالتأهيل»، والذي تطرّق إلى محاولة توطين خريجات كليات العلوم في وظائف صحية مساعدة، في مجالات مساعد التمريض ومساعد طبيب الأسنان، والتي قد توفر عشرات الآلاف من فرص العمل، وهناك كثير من الوظائف الصحية في السعودية تحتاج إلى وقفة جادة لاستيعاب الطاقات الكبيرة، ومنها سعودة قطاع الأدوية والصيدليات.

تشير الأرقام إلى وجود 27 كلية صيدلة في المملكة «حكومية وخاصة»، وتشير الأرقام الصادرة من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية إلى وجود 29 ألف صيدلي مصنف على درجة صيدلي «بكالوريوس صيدلة»، منهم 8 آلاف سعودي يشكلون ما نسبته 27%، والبقية حوالي 21 ألفا من الإخوة غير السعوديين.

ومن المتوقع وصول عدد الصيادلة السعوديين إلى 26 ألف صيدلي بحلول عام 2027، وهذا عدد ضخم جدا مقارنة مع الأعداد الحالية، وكي نحقق الاكتفاء الذاتي من الصيادلة السعوديين يجب تقليل عدد الصيادلة الأجانب بمعدل 7.6% سنويا حتى 2027.

وتشير الأرقام السابقة إلى تحد ضخم وكبير في سعودة قطاع الصيدليات ومندوبي شركات الأدوية. وحسب التقرير المنشور مؤخرا في جريدة «الاقتصادية» بتاريخ 14 يونيو 2019، جاء «الصيادلة» (أقل) المهن الصحية من حيث نسبة التوطين بنسبة 24.3%، وجاء القطاع الخاص الأقل من بين القطاعات الأخرى في نسبة توطين الصيادلة بـ6.4%، تليه «الجهات الحكومية الأخرى» كالمستشفيات العسكرية

بـ71.2%، و«وزارة الصحة» بـ93.4%".

ويذكر أنه حسب إحصاءات سابقة، يبلغ عدد الصيدليات الحاصلة على ترخيص نهائي في جميع مناطق السعودية 8665 صيدلية، وهي في نمو وازدياد مستمر. ولا يقتصر عمل الصيادلة على الصيدليات والمستشفيات، بل يمتد إلى وظائف ذات دخل ممتاز، مثل مجال الدعاية والتعريف بالمستحضرات الصيدلانية والعشبية، ومصانع اللقاحات والأدوية.

وكي يؤخذ الأمر بشكل أكبر، وبجدية أعلى، يجب القيام ببعض الخطوات:

1- وجود تقرير متجدد من الهيئة السعودية لواقع ومستقبل القوى العاملة الصحية بشكل سنوي، ويذكر أن التقرير السابق يشير إلى أرقام ضخمة، وواقعية، بعكس تصريحات وزارة العمل التي تختلف الأرقام لديها كلية عن تقرير الهيئة السعودية.

2 - التسريع بخطوات سعودة مندوبي شركات الأدوية، وهو القرار الذي تم تمديد فترة السماح فيه أكثر من مرة.

3 - فتح مجال العمل للنساء السعوديات في الصيدليات الخارجية.

4 - الحد من تكاثر تلك الصيدليات، والذي قد يضر بربحيتها، ثم بمقدار الأجور، وتقليل التصاريح لمساعدة الملاك على تحقيق معدلات ربح معقولة.

ما زلت أؤمن أن السعودة الحقيقية يجب أن تبدأ بالوظائف ذات الأجور المتوسطة والعالية، بدلا من التركيز على سعودة الوظائف متدنية الأجور والعمالة الرخيصة، والتغيير يبدأ دائما من أعلى الهرم، وعلى الرغم من الصعوبات، إلا أن شعبا همّته مثل (جبل) طويق سيصل إلى غايته ذات يوم.