عندما كنا فتيات صغيرات كان أكثر شيء نخشاه وضع الملح في الطعام عند إعداده، لأنه إن زاد عن قدره فسنسمع التعليقات الساخرة والمداعبة أحياناً حول إشارة زيادة الملح لرغبة الفتاة بالزواج. لا أعرف إذا كانت هناك ثقافات أخرى ينتشر فيها هذا الربط الغريب، لكنني لا أشك أن كل السعوديات في بلادنا ومن كل الأعمار، لا يمكن أن يصرحن بالرغبة في الزواج، فما بالك بالحب، وسيخشين دائماً أن يخبرن أحداً ما عن تورطهن في علاقة عاطفية لأسباب لا تخفى على أحد.

في رأيي أن ذلك يزيد من نسبة تعرض الفتاة للمعاناة، خاصة أن الحب كما هو معروف أعمى ويفقد حتى الأذكياء قدرتهم على الحكم على الأمور.

أكتب هذا المقال لسيدة صغيرة أرسلت لي رسالة عن رجل دخل حياتها، ولا تجرؤ على أن تخبر أقرب الناس لها عنه رغم أن الكثيرين أخبروها عن تغيرها للأسوأ، إلا أنهم بحسب كلامهم لم يعتقدوا أنها تحب بل ظنوا أنها في حالة إدمان على المخدرات.

في الحقيقة أنهم أذكياء لأن الشخص الذي يبدو تعيسا في أكثر الأحيان ثم في يوم يبدو سعيداً ومبتهجاً، والشخص الذي يترك كل هواياته ويتسمر عند جواله ويتطلع كل لحظة لصندوق الرسائل ونافذة الواتساب هو مدمن وليس في حالة حب.

لكن كيف تتحول علاقة حب إلى إدمان؟ عندما يبدأ الطرف الآخر بوعي أو بغير وعي بنية أو بغير نية في منحك الحب بقوة وحنان بالغ واهتمام ربما لم تمر به قبلاً، ثم ينقطع فجأة متعذراً بانشغاله، ثم عندما يشعر أنك مللت وستغادر العلاقة، يعود بشكل قوي يفاجئك ليعيدك إلى مكانك الأول، ثم يكرر تصرفه حتى ينتهي منك.

من درس علم النفس التربوي سيتذكر النظرية الشرطية هنا والنمط العكسي المعاد، وربما تذكر أن الحيوانات التي تجرب عليها هذه التجارب ترهق وتموت في نهاية التجربة.

الإدمان المسمى حبا، يحتاج للحديث عنه بصوت عال ومن قبل المختصين، وقبله تشجيع الآباء على إخبار بناتهم أن أول من يعرف بوقوعها في الحب يجب أن يكون هو، وهذه قضية أخرى.