أتساءل حين أرى الهجوم على الحركات النسوية: هل تصدق مقولة أن المرأة عدوة المرأة!.

لنكن أكثر صراحة ومنطقية، فالنسوية في السعودية ليست حركة سياسية، فللحركات السياسية أطرها وأنظمتها المعروفة، وهي غير متحققة على الإطلاق فيما يسمى النسوية السعودية.

كما أن اختصار النسوية في مجموعة من النساء، تم استغلالهن لتمرير أجندات سياسية، هو اختصار غير سليم.

نعم، هناك من تنكّرت لبلدها وحاربته تحت شعار النسوية، ولكن هذا لا يبرر الهجوم على النساء اللواتي يطالبن بحقوق إنسانية أقرّتها الشريعة الإسلامية. كما أنها توافق حديث ولي العهد الذي أقرّ بأن المرأة لم تحصل بعد على كامل حقوقها، وأنه حريص على تمكينها ومنحها مزيدا من الحقوق.

فإذا كانت النسوية متناغمة مع الشرع، ومع توجّه الدولة. فعَلامَ، وعلى مَن، يُزايد الذين يهاجمونها ويشيطنونها؟.

وإذا نظرنا إلى موضوع الولاية، وهو الأبرز بين الموضوعات التي تتناولها النسوية، فهو موضوع غير قانوني في الأصل، فلا توجد قوانين ولاية منصوص عليها ومفصّلة، إنما هي أعراف دخلت على شكل ممارسات تنظيمية في بعض الدوائر والأجهزة الحكومية، وإزالتها تتطلب فقط مراجعة وتطوير اللوائح التنظيمية وقوانين العمل، ولا تمسّ أبدا القيم أو الدين أو نظام الأسرة.

ومن يفهم المناخ العام في السعودية، يعلم أن إسقاط الولاية عن المرأة الراشدة هي مسألة وقت، فهذا امتداد لسياسة التمكين، ولا معنى للإصلاحات التي حدثت أو التي ستحدث مستقبلا، إن لم تتضمن إعطاء نصف المجتمع حرية القرار والاختيار والفاعلية في الحياة.

إن المقاومة التي تحدث هي نتيجة طبيعية للمرحلة الثقافية القاتمة التي خرج منها المجتمع، ويأتي هنا دور المؤسسات الثقافية والتعليمية في إعادة الأمور إلى نصابها

وتوازنها.

وكم من شخص يهاجم النسوية في بلده، ثم يتخفف من آرائه حين يحمل حقائب سفره مغادرا إلى خارج الوطن، وكم من امرأة هاجمت النسوية السعودية ثم كانت أول مستفيد من مكتسبات جهودها. بل إنها تنسى موقفها القديم وتتغنى بحكمة القرار بعد صدوره، وهذه شعبوية مقيتة، حيث تجير قضايا الناس ومعاناتهم لخدمة أهداف خاصة، وأرى هذا أمرا معيبا.. معيبا جدا.