عادت إيران إلى حرب التصريحات مع الولايات المتحدة، وهذه المرة تلعب على مسألة اختراق بنود الاتفاق النووي 2015، الأمر الذي يجعلها في مواجهة مباشرة مع الدول الموقعة على الاتفاق خصوصا دول أوروبا (ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا)، ما يعني أن هذا الاتفاق في طريقه للفشل وفقا لعدد من المحللين.

فشل اجتماع فيينا

وصف مراقبون أن الخطوة التي أقدمت عليها إيران أمس بتجاوز الحدّ المسموح به لاحتياطاتها من اليورانيوم المخصّب بموجب الاتفاق الدولي الموقع عام 2015 بشأن برنامجها النووي، يأتي بعد فشل اجتماع فيينا الذي جمع إيران بمندوبين من الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق، وذلك في محاولة جديدة للضغط على هذه الدول كي تضغط على الولايات المتحدة من أجل تخفيف العقوبات على إيران وهي الخطوة التي وصفتها صحيفة «يو إس أي توداي» بأنها مستحيلة فالرئيس الأميركي دونالد ترمب أكد مرارا على أن إيران لن تحصل على أي اتفاق ولن يعاد الحديث حول أي اتفاق إلا بعد أن تحسن طهران سلوكها في المنطقة، كما أنه لو حدث اتفاق في الفترة المقبلة فلن يتم دون شروط تضعها الإدارة الأميركية، وأكد مصدر دبلوماسي في فيينا أيضا تجاوز حدّ الـ300 كلجم. وقال المصدر «حصل تجاوز»، لكن لم يتمكن من تحديد مستواه.

محاولة استنجاد

ذكرت تقارير غربية، أمس، أن الإعلان الإيراني حول تجاوز الحد المسموح به من اليورانيوم ما هو إلا محاولة استنجاد تعكس حقيقة ما يمر به نظام الملالي من تخبطات وأزمة اقتصادية خانقة، حيث إن إعادة فرض العقوبات التي أعلنت عنها أميركا، من شأنها عزل إيران بشكل كامل تقريبا عن النظام المالي الدولي، وإفقادها القدرة على بيع النفط، ردا على ذلك، أعلنت طهران في مايو أنها ستتوقف عن تلبية اثنين من التزاماتها التي قطعتها في فيينا وهددت بالتخلي عن بندين آخرين اعتباراً من 7 يوليو إذا لم تساعد برلين ولندن وموسكو وباريس وبكين في كسر الحصار الأميركي، وقالت واشنطن أكثر من مرة إنها لم تعد تشعر أنها ملزمة بما ينص عليه الاتفاق، في حين تهدد طهران أيضا باستئناف أنشطتها في تخصيب اليورانيوم بمعدل أعلى من الذي يحدده الاتفاق (3.67 %)، ابتداء من 7 يوليو، وإعادة إطلاق مشروعها بناء مفاعل أراك للمياه الثقيلة (وسط البلاد)، إذا لم تساعدها الدول الأخرى الموقعة على الاتفاق في الالتفاف على العقوبات الأميركية.

خيارات قليلة لتصدير النفط

لم يعد أمام طهران أي خيارات حاليا لتصدير النفط، فالحصص التي كانت تعطيها لأغلب الدول في آسيا لم يعد بالإمكان أن توفر بعد أن تكفلت «أوبك» بتوفيرها، وبشأن اتفاقية التجارة بينها وبين أوروبا والصين وروسيا، المعروفة باسم «انستكس»، فإنها لن تلبي مطالب طهران للخروج من الأزمة الاقتصادية، وهو ما يظهر جليا في تصريحات وزير الخارجية الإيراني محمد ظريف الذي أكد أنه على المدى القصير ستعتمد إيران على الإنتاج الداخلي.

دعوة لعصيان مدني

دعا رضا بهلوي، ولي عهد الأسرة البهلوية التي حكمت إيران بين عامي 1925 و1979، إلى تصعيد خطوات العصيان المدني والنضال السلمي داخل بلاده، أملا في أن يقود الشعب مصيره. وحذر من استمرار سياسات النظام الثيوقراطي المسيطر على حكم بلاده، والتي تنذر بمزيد من الكوارث بوجه الإيرانيين، وفي بيان نشرته صحيفة كيهان اللندنية الناطقة بالفارسية، أمس، دعا «بهلوي» المقيم في الولايات المتحدة منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي، إلى حركة وطنية شاملة بهدف التضامن والحزم في وجه نظام المرشد الإيراني علي خامنئي، ولفت إلى أن سياسات طهران الحالية أدت إلى نهب الثروات الوطنية، فضلا عن تخريب الموارد الطبيعية للبلاد، إلى جانب شح الخزانة العامة لإيران، وأوضح البيان أن ملايين الإيرانيين، خصوصا من جيل النخبة بالشباب يضطرون إلى الهجرة قسرا إلى خارج البلاد في الوقت الراهن. وشدد بهلوي على أن خطوات العصيان المدني والنضال السلمي، يمكن أن تسفر عن استعادة بلاده إلى المجتمع الدولي مرة أخرى وعودتها إلى ذروة الازدهار والرفعة مجددا.