عندما شعّ نور الإسلام تغيرت كثير من المظاهر التي ألقت بظلالها على الناس ولقرون طويلة، إذ كانت شبه الجزيرة العربية مسرحا لكثير من الأحداث، منها التعصب بشتىٰ أشكاله وصوره. فالتعصب هو الاعتقاد أو التصرفات التي ينطوي على أخذ مواقف دون تمحيص بسبب الغيرة، وبحماس مفرط.

وقد عرّفه الفيلسوف جورج سانتايانا بأنه «يضاعف مجهودك عندما تنسىٰ هدفك». ويُعرّف -أيضا- بأنه شعور الفرد بأنه على حق، وأن الآخرين على باطل، ويؤدي إلى نشوب خلافات ومواقف وممارسات عدوانية تجاه الآخرين، كاحتقارهم وعدم احترام حقوقهم والاعتراف بها.

وهو في الأصل ظاهرة اجتماعية شديدة الخطورة، خاصة عندما يتخذ أشكالا عدوانية عنيفة. ولعلي أتناول شكلا من أشكال التعصب، ألا وهو التعصب الرياضي.

فما التعصب الرياضي؟ وهل له تأثير على أبعاد الأمن الوطني، وبالأخص البعد الاجتماعي؟

التعصب الرياضي: هو الميل إلى جانب مهما كانت النتائج، ويكون للجانب الانفعالي دور كبير في الابتعاد عن الحقائق، كما أنه عملية تراكمية من الانفعالات والمعلومات، التي تؤثر على دائرة المخ لتقبّل اتجاه معين، ثم تؤثر على سلوك الفرد في الاتجاه ذاته.

تتمثل مظاهر التعصب الرياضي في عدة اتجاهات:

1 - في الجماهير، ويظهر على شكل تجمّع للفئات المتعصبة في الميادين والشوارع، واعتدائهم على الآخرين، وشتمهم وتعطيل حركة المرور، وإعاقة المصالح العامة وممارساتهم السلوكيات الخاطئة، سواء أكان النادي الذي يشجعونه منتصرا أم مهزوما.

2 - في وسائل الإعلام، ويظهر خلال إبراز النادي الخاسر ضمن عناوينها ومقالاتها والسخرية منه، والتقليل من مكانته مما يؤذي مشاعر أنصار هذا النادي، كما يمجّد بعض الإعلاميين ناديهم المفضل، ويتغنون بتاريخه الحافل، بهدف استفزاز الطرف الآخر.

3 - في الإداريين واللاعبين، وقد يلجأ المتعصب رياضيا إلى جلب المصالح لناديه، سواء بطريقة مشروعة أو غير مشروعة، مما يؤثر على النادي الآخر.

فلا شك عندما نجد جميع هذه الصور، فإن ذلك سيؤثر على البعد الاجتماعي وأمن المجتمع، فقد يكون سببا في نهاية علاقات متينة بين الأصدقاء، أو حتى أزواج أو أسر.

وأختم كلماتي برسالة إلى الجماهير الرياضية:

«إن الرياضة التنافسية والترويحية مظهر من مظاهر الرقي والتقدم التي تقاس بها حضارة الأمم، وقد أولت حكومتنا الرشيدة جُلّ اهتمامها بالشباب، وكل ما يهم شأنهم، فجعلت الأنشطة الرياضية -بكل مجالاتها- وفق أهداف وتطلعات مستقبلية، فعلينا أن نحقق تلك الأهداف التي تنشدها دولتنا الحبيبة وفق التعاليم الإسلامية».