نزل مئات السودانيين للشوارع، احتفالا بالاتفاق الذي توصل إليه المجلس العسكري الحاكم، وقادة الاحتجاجات حول الهيئة التي يُفترض أن تقود المرحلة الانتقاليّة المقبلة، وعلى تقاسم للسلطة بين العسكريين والمدنيين، ولا يعرف بعد ما إذا كان سينجح في وقف التوتر المستمر منذ أشهر، وأشاد قادة حركة الاحتجاج بالاتفاق، لكنهم شددوا على وجوب انجاز "الثورة كاملة". ويتولى المجلس العسكري الحكم في البلاد منذ عزل الرئيس عمر البشير في 11 أبريل إثر تظاهرات حاشدة، بينما يطالب المحتجون بنقل السلطة إلى مدنيين. وقامت إثيوبيا والاتحاد الإفريقي بالوساطة، لاستأنف الجانبان المفاوضات قبل أيام في محاولة لرسم الخطوط العريضة للمرحلة الانتقاليّة المقبلة، وأعلن وسيط الاتّحاد الإفريقي محمّد الحسن لبات، خلال مؤتمر صحافي أنّ المجلس العسكري الحاكم وتحالف "إعلان قوى الحرّية والتغيير" الذي يقود حركة الاحتجاج اتّفقا على "إقامة مجلس للسيادة بالتّناوب بين العسكريّين والمدنيّين ولمدّة 3 سنوات قد تزيد قليلاً".



احتفالات

وفور الإعلان عن التوصل إلى اتفاق، خرجت حشود من السودانيين المبتهجين إلى شوارع الخرطوم هاتفين "حكم مدني"، في حين لم يكن هناك وجود للقوات الأمنية في الشوارع, وكانت الحشود تضرب على علب معدنية وزجاجات مياه بلاستيكية أثناء مسيرتهم في الشوارع الرئيسية في العاصمة مرددين شعارات ثورية, وشكك كثيرون بالاتفاق، وعبر البعض عن خيبة أملهم، بينما حاول آخرون أن يكونوا واقعيين. فكتب أحدهم "سياسيا وواقعيا ونظرا لأن الجيش والدعم السريع يمتلكون كل الوقت وكل السلاح و90% من دعم دول الجوار، لا أعتقد بنجاح حل آخر.



آلية الاتفاق الانتقالي

ولم تتضح بعد الآليّة التي سيتمّ اعتمادها. لكن وفقاً للخطّة الانتقاليّة التي أعدّها الوسيطان الإفريقي والإثيوبي، سيرأس "المجلس السيادي" في البداية عسكري لمدّة 18 شهراً على أن يحلّ مكانه لاحقاً مدني حتّى نهاية المرحلة الانتقاليّة، وقال أحد قادة "قوى إعلان الحرية والتغيير" أحمد الربيع، إن المجلس سيكون مؤلفاً من 6 مدنيين بينهم 5 من التحالف و5 عسكريين, ورحّبت الإمارات العربية بالاتفاق، داعية إلى "تأسيس نظام دستوري راسخ". وكتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في تغريدة "نبارك للسودان الشقيق الاتفاق الذي يؤسس لانتقال سياسي مبشر".



اتفاق شامل

وأشاد نائب رئيس المجلس العسكري السوداني الفريق محمد حمدان دقلو بالاتفاق، وقال متحدثاّ بعد الوسيط الإثيوبي في المؤتمر الصحافي "نودّ أن نطمئن كل القوى السياسية والحركات المسلحة وكل من شاركوا في التغيير، بأن هذا الاتفاق سيكون شاملا لا يقصي أحدا ويستوعب كل طموحات الشعب السوداني بثورته". وأوضح لبات أنّ الطرفين اتّفقا أيضاً على إجراء "تحقيق دقيق شفّاف وطني مستقلّ لمختلف الأحداث والوقائع العنيفة المؤسفة التي عاشتها البلاد في الأسابيع الأخيرة"، بدورها، أشادت حركة الاحتجاج الرئيسية بالاتفاق، وقال تجمع المهنيين السودانيين في بيان "اليوم تنتصر ثورتنا وتلوح معالم الفوز الظافر"، لكنه تدارك "لن نرضى بغير انجاز الثورة كاملة غير منقوصة ولن نتراجع عن المطالب".

وتطالب حركة الاحتجاج بإجراء تحقيق دولي مستقل بشأن تفريق الاعتصام، متهمة المجلس العسكري بالوقوف وراءه، وقوات الدعم السريع بقيادة دقلو المعروف بحميدتي بتنفيذه، الأمر الذي رفضه العسكريون الذين شكلوا لجنة تحقيق عسكرية خاصة بهم، وبحسب لبات، "وافق الأطراف أيضاً على إرجاء إقامة المجلس التشريعي والبتّ النهائي في تفصيلات تشكيله، حالما يتمّ قيام المجلس السيادي والحكومة المدنيّة".

وجاءت المفاوضات بعد بضعة أيام فقط من خروج تظاهرات حاشدة شارك فيها عشرات الآلاف يوم الأحد الماضي، في جميع أنحاء البلاد، رغم انتشار أمني كثيف وحجب خدمة الإنترنت منذ نحو شهر، لمطالبة العسكريين بالتخلي عن السلطة، ومنذ الثالث من يونيو، أدت حملة القمع إلى مقتل 136 شخصاً بينهم أكثر من 100 خلال عملية تفريق الاعتصام أمام مقرّ القيادة العامة للجيش في الخرطوم، بحسب لجنة الأطباء المركزية المقربة من حركة الاحتجاج. في المقابل، تتحدث السلطات عن حصيلة بلغت 71 قتيلاً منذ التاريخ نفسه.