تسلّمت تركيا أول شحنة من منظومة صواريخ إس 400 الروسية، رغم تحذيرات واشنطن، معرّضة بذلك نفسها لعقوبات أميركية في وقت يعاني اقتصادها وضعا سيئا، وأعلنت وزارة الدفاع التركية في بيان أن "تسلم أوّل شحنة من معدّات منظومة الدفاع الجوي إس-400 بدأ في 12 يوليو في قاعدة مرتد الجوية في أنقرة"، وأوضحت الهيئة العامة للصناعات الدفاعية التركية في بيان أن الشحنة الأولى سُلّمت بواسطة طائرة شحن وأن "تسلّم أجزاء المنظومة سيتواصل في الأيام المقبلة"، وأضاف البيان أن المنظومة "سيبدأ تشغيلها بالطريقة التي تحددها السلطات المعنية عندما تصبح جاهزة تمامًا".

من جهتها، صرّحت متحدثة باسم الهيئة الفدرالية للتعاون العسكري والتقني ماريا فوروبييفا، لوكالة "انترفاكس" الروسية، "بدأ تسليم منظومات إس-400 إلى تركيا" و"عمليات التسليم ستحصل وفق مهل مقررة من الجانبين"، ونقلت وكالة "تاس" الروسية الرسمية عن مصدر قوله إن طائرة ثانية تحمل عناصر أخرى من منظومة إس-400 يُفترض أن تُقلع "قريباً" وإن شحنة ثالثة تضمّ أكثر من 120 صاروخاً من أنواع مختلفة سيتمّ إرسالها "في أواخر فصل الصيف" عبر الطرق البحرية.

تحذيرات أميركية

ورفضت تركيا الأربعاء تحذيرا أميركيا جديدا بشأن شراء الصواريخ الروسية، داعية واشنطن إلى عدم اتخاذ تدابير من شأنها "الإضرار بالعلاقات" الثنائية، وتعارض الولايات المتحدة بشدة شراء تركيا المنظومة الروسية معتبرة أنها تتعارض مع أنظمة حلف شمال الأطلسي الذي يضمّ تركيا، وأكّد مسؤول كبير في الحلف عن "قلق" لبدء تسلم تركيا الصواريخ الروسية، وأضاف أن "العمل المشترك لقواتنا المسلحة أمر أساسي للحلف الأطلسي من أجل تسيير عملياتنا ومهماتنا". بالإضافة إلى ذلك، ترى واشنطن خطرا حقيقيا في أن يتمكن العسكريون الروسي الذين سيدربون الأتراك على منظومة إس-400 من كشف الأسرار التكنولوجية للمقاتلة الأميركية الجديدة "أف-35"، التي تريد أنقرة شراءها أيضاً، ومنحت واشنطن تركيا في مطلع يونيو مهلة تنتهي في 31 يوليو للاختيار بين المنظومة الروسية أو المقاتلات الأميركية.

قوة أوراسية

أكد إردوغان في أواخر يونيو، بعد لقائه نظيره الأميركي دونالد ترمب، أنه لا يخشى تعرّض بلاده لعقوبات بسبب شراء صواريخ "إس-400"، وبحسب الباحث في مركز الأمن الأميركي الجديد نيكولاس هيراس، "ليس سراً أن إردوغان يريد أن يجعل من تركيا قوة أوراسية، ما يفترض إيجاد توازن بين العلاقات مع روسيا والصين من جهة ومع الولايات المتحدة من جهة أخرى"، وتابع "ليس مؤكداً أن تبقى تركيا إلى ما لا نهاية في المعسكر الأميركي". ورأى نيكولاس دانفورث، من مركز أبحاث "جيرمان مارشال فاند"، أن شراء هذه الصواريخ يعكس رغبة أنقرة في انتهاج "سياسة خارجية مستقلة وإعادة هيكلة علاقتها بالولايات المتحدة"، وأضاف "يعتقد القادة الأتراك نظرا إلى أهمية تركيا، أن بإمكانهم من خلال التصرف بهذا القدر من الحزم، إرغام واشنطن على إبداء المزيد من المراعاة للمصالح التركية".

منظومة S-400

- منظومة "اس 400" المضادة للطيران دخلت في الخدمة في الجيش الروسي في 2007

- صممت لاعتراض وإسقاط أي تهديد جوي سواء كان صاروخا او طائرة

- يصل مداها إلى 400 كلم ويمكن نشرها خلال خمس دقائق

- تشمل مركز قيادة ومحطات رادار متنقلة

- 12 منصة إطلاق وشاحنات ضخمة مجهزة كل منها بـ4 صواريخ

من اشترى منظومة S-400

- كانت بكين أول زبون خارجي اشترى منظومة "اس-400" في 2014، ولم تكشف أي تفاصيل عن الصفقة التي شملت 4 إلى 6 منظومات بقيمة 3 مليارات دولار. وبدأت عمليات التسليم رسميا في أبريل 2018 وجرت أولى التجارب الصينية لهذه المنظومة نهاية يونيو 2019.

- الهند من جهتها 5 منظومات "اس-400" بقيمة 5,2 مليارات دولار على أن يبدأ تسليمها نهاية 2020.

ونشرت موسكو عشرات المنظومات عبر روسيا. وتلقت شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في 2014 أربع منظومات "اس-400"، وسوريا منظومتين لحماية القاعدتين الروسيتين في طرطوس وحميميم. وأعربت دول عديدة عن اهتمامها، لكن هذا الاهتمام بأسلحة متطورة هو بمثابة وسيلة ضغط على واشنطن للحصول على أسلحة أميركية أقل كلفة.

لماذا يخشى الغربيون منظومة S-400

- تعد هذه المنظومة من أحدث المنظومات المضادة للطيران في العالم وكلفتها أقل من منظومة "باتريوت" الأميركية

- تخشى واشنطن أن تستخدم روسيا منظومة "اس-400" التي اشترتها تركيا لتجمع عبر مدربيها معلومات عن مقاتلات إف-35 الأميركية من الجيل الأخير والتي تريد أنقرة شراء 100 منها

- تعتبر الولايات المتحدة والحلف الأطلسي أيضا أن هذه المنظومة لا تتماشى مع المعدات التي تستخدمها الدول الأعضاء في الأطلسي

لكن ما يثير استياء واشنطن هو أن أنقرة تشتري مثل هذه الأسلحة المتطورة من روسيا. وجعلت موسكو من منظومتها ورقة سياسية، فهي تبيعها لتركيا وتثير التوتر بين أنقرة وحلفائها في الأطلسي، ولا يتوقف الأمر هنا، فقد أعلنت موسكو أن منظومة "اس-500" ستدخل الخدمة خلال العام 2020. وتؤكد روسيا أن صواريخها قادرة حتى على إصابة أقمار صناعية.