من الصعب إعادة نشر قوات الحشد الشعبي بصورة شاملة، وقد يستغرق الأمر سنوات طويلة لتنفيذها. وستستوجب هذه الإعادة إرسال الجيش العراقي شمالاً لملء الفراغ الذي ستخلّفه، مما يترك العديد من القوات غير التابعة لوحدات «الحشد الشعبي» حول المركز الحكومي في العاصمة. بيد أن تاريخ العراق حافل بالانقلابات العسكرية، ولا يزال هناك انعدام ثقة سياسي طويل الأمد في أوساط القيادة السياسية القديمة تجاه القوات المسلحة. ومع ذلك، فإن إخراج الجيش من بغداد قد يؤدي ببساطة إلى جعل الحكومة أكثر عرضة لضغوط «الحشد الشعبي»، بما يعنيه ذلك من مبادلة تهديد بآخر.

وهناك أيضاً خطر بأن يصبّ مشروع توحيد «قوات الحشد الشعبي» في مصلحة القيادة المركزية التي يرأسها قائد عمليات «الحشد» أبو مهدي المهندس المصنف على قائمة الإرهاب الأميركية. وحالياً فإن «الحشد الشعبي» مجزّأ إلى 60 وحدة أو نحو ذلك، مما يحدّ من نطاق سلطة أبو مهدي. ولكن مشروع توحيد هذه الوحدات الذي يشمل التخلي عن أسماء الميليشيات الفردية سيؤدي إلى مركزية السلطة التي يمارسها حالياً أبو مهدي المهندس.

وفي المقابل، من غير المحتمل تطبيق العدالة بشكل مستقل على المقاتلين المرتبطين بوحدات «الحشد الشعبي» الذين ينتهكون القواعد الجديدة. فأبو مهدي المهندس، وشخصٌ آخر مدعوم من طهران هو أبو زينب اللامي، يديران جناح الشؤون الداخلية لـ«قوات الحشد الشعبي» المكلف باتخاذ إجراءات صارمة ضد المخالفين. ونتيجة لذلك، من المحتمل أن يؤدي فرض نظام انضباط داخلي إلى إفادة القادة الذين تدعمهم إيران أكثر من أي فصيلٍ آخر.

يتعين على الولايات المتحدة أن توازن الآن بين التحلي بالصبر ومواصلة الضغط في تعاملها مع الحكومة العراقية بشأن هذه القضايا. يجب الثناء على القيادة العراقية بصورة غير علنية لبدئها هذه العملية ووضعها مثل هذه الخطة الطموحة، لكن الإثبات يبقى في تنفيذ هذه الخطة.

ولتقليل مخاطر العواقب السلبية وغير المقصودة التي قد تنجم عن جهود إصلاح «الحشد الشعبي» يجب على الحكومة العراقية أن تقوم بتشجيع شركائها الأمنيين الدوليين ودعمهم، وأن تبدأ تدريجياً في نقل قيادة «الحشد» ذات المستوى المتوسط إلى أيدي مجموعة أكبر من الفصائل بما في ذلك شخصيات غير سياسية وقادة ترشّحهم المؤسسات الدينية الكبرى. وبمرور الوقت، يصبح بالإمكان عزل رموز من أمثال أبو مهدي المهندس، وأبو زينب اللامي - حيث يكثر خصومهما - بإخراجهما شيئاً فشيئاً من الصورة.

وقد تكون العقوبات - المرتقبة هذا الصيف - على بعض الميليشيات العراقية المدعومة من إيران أقل إثارةً للجدل من ذي قبل؛ لأن التنظيمات المماثلة لـ«كتائب الإمام علي» (التي يرأسها شبل الزيدي المدرج من قبل الولايات المتحدة على لائحة الإرهاب) لن تجد بعد الآن أي وحدات في «الحشد الشعبي» تحمل اسمها.

وفي هذا السياق، تستطيع الحكومة العراقية أن تأخذ بادرة مبكرة لإثبات جديتها، وهي إعادة إدخال قوات الأمن الحكومية إلى القواعد التي كانت تحتكرها سابقاً الوحدات الأكبر لـ«الحشد الشعبي» المدعومة من إيران. على سبيل المثال، انطلقت الطائرات الإيرانية بدون طيار التي استهدفت خطوط الأنابيب السعودية من «جرف الصخر»، وهي منطقة عسكرية واقعة خارج بغداد مباشرة، ويمنع تنظيم أبو مهدي المهندس المعروف بـ«كتائب حزب الله» - والمصنف على قائمة الإرهاب الأميركية - الحكومة العراقية من دخولها بأي شكل. فإذا كان العراق جاداً بشأن إصلاح «الحشد الشعبي» فيجب على هذه القاعدة وغيرها من القواعد التي تديرها «منظمة بدر»، و«كتائب الإمام علي»، و«عصائب أهل الحق» أن تفتح أبوابها أمام التفتيش الفوري لإظهار أنها خاضعة لسيطرة الدولة.

* متخصص بالشأن العراقي

* موقع «ديفينس بوست».