في وسط مشاغل الحياة الكثيرة وانغماس الناس بالجوالات لمتابعة الغث والثمين في وسائل التواصل الاجتماعي، والتي يكون بعضها مهماً ومفيداً ومسلياً، وبعضها لا يغني ولا يسمن من جوع، وليس أكثر من استنزاف ساعات من الوقت الثمين في مشاهدة أمور سطحية، نسي أو تناسى أو تكاسل الكثير من الناس عن القراءة، وهي الكلمة التي بدأ الله سبحانه وتعالى بها مع الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه عن طريق جبرائيل عليه السلام عندما قال له الكلمة الأولى (اقرأ)، وكلنا نعرف مدى أهمية القراءة في زيادة الثقافة وتوسيع المدارك المعرفية والمتعة والتسلية والفائدة والحكمة وتعلم المهارات الجديدة والتفاعل مع ثقافات الأمم الأخرى، واستكشاف ما يدور حولنا في هذا العالم. هذا إضافة إلى الرياضة الذهنية، حيث إن عقل القارئ يعمل باستمرار لتحليل ما يقرأه والتفكر فيه، ما يجعل ذاكرته قوية وثرية بالمعلومات، وفكره متّقد حتى عندما يكبر في السن. ونحن كأمّة عربية نفتخر بأننا أمة مثقفة ومتعلمة وواعية، خرّجت الكثير من المفكرين والأدباء والعلماء والمُلهمين. ونحن كجيل شاب حري بنا، مهما زادت ضغوط الحياة والتزاماتها، أن نقتنص من وقتنا ولو القليل لقراءة الكتب المفيدة في أي مجال نحبه، وأن ننهل من معينها ونتزود من معلوماتها ونستمتع بها ونغذّي عقولنا بالغوص بين أوراقها، وهذه هي عادة معظم الناجحين في العالم. ويجب أن نغير من واقع تلك الإحصائيات المخيبة للآمال والتي تشير إلى أن الأمة العربية تكاد تكون الأقل قراءة بين باقي الأمم المتقدمة، ولا عذر لنا بضيق الوقت خصوصاً في عصرنا هذا مع وجود العديد من المكتبات الإلكترونية على فضاء الإنترنت، وتوفر الكثير من الكتب الإلكترونية بصيغة PDF، بعضها مجاني وبعضها بأسعار في متناول الجميع. هذا إضافة إلى الكتب المسموعة المتوفرة في الإنترنت والتي نستطيع الاستفادة منها أثناء قيادة السيارة، وحتى ولو كان جدولنا اليومي مزدحماً بالالتزامات فعلى الأقل نستطيع تخصيص ساعتين في عطلة نهاية الأسبوع للاستمتاع بالقراءة، فما أجمل القراءة وما أجمل لحظة البدء في قراءة كتاب شيّق والاندماج معه حتى كأنك تعيش بداخله وتنسى العالم من حولك. وقد قيل في الكتب (الكتاب نافذة نتطلع من خلالها إلى العالم).