دخل الرجل الكبير إلى غرفة الفحص الطبي النفسي في إحدى المستشفيات الكندية، جلس على كرسي الطبيب، فسأله الطبيب: مم يشكو مريضنا؟ رد المريض: أشعر بأن أحدا يتحدث معي ولا أراه، إنني أستمع له كما أستمع إليك يا دكتور.

أخذ الطبيب يسأل المريض عدة أسئلة حتى انتهت الجلسة، ثم سأل الطبيب المريض مجموعة أسئلة، وفي نهاية الجلسة سأل المريض الطبيب: ماذا يوجد لدي. أجابه الطبيب: لا يوجد بك علة نفسية يجب أن تراجع الأقسام الأخرى وتفحص فحصا عضويا.

لم تقتنع إدارة المستشفى بتشخيص الطبيب، وأخذت تسأله عن حالة المريض، وكان يرد عليها بأني طبيب مختص وأعرف كيف أشخّص المرض النفسي.

بعد ثلاثة أسابيع، وبعد تنقّل المريض من قسم إلى قسم في المستشفى اتضح أن لديه جلطة في دماغه وهو لا يشعر بها، هذه الجلطة سببت له مشكلة في الأعصاب والدماغ، وجعلته يبدو وكأن أحدا يتحدث معه.. بعثت إدارة المستشفى شهادة شكر للطبيب على حسن تشخيصه للحالة.

هذه القصة ذكرها لي الطبيب نفسه.. إنه يؤكد لي أن كثيرا من الأطباء يشخص المرض بحكم تخصصه ثم يقول له سريعا، عليك أن تذهب للطبيب النفسي، كنت أقول له وهو الطبيب العربي لو كان المريض عندنا لقال أهله بأنه مصاب بمس من الجن، أو أنه مسحور، ويجب الذهاب به لشيخ يقرأ عليه!

قبل أيام قلائل كشف استشاري الطب النفسي الدكتور جمال الطويرقي في برنامج mbc في أسبوع أنه في عام 2020 سيكون 40% من سكان العالم مصابون بالاكتئاب، وحذر من أن نسبة الإصابة بهذا المرض في العام نفسه ستتجاوز نسبة الإصابة لكل مواطن سعودي بالسكر.

يبدو أن هذا الأمر ليس جديدا في المملكة، فقبل أربع سنوات أظهرت آخر الإحصاءات التي كشفت عنها الإدارة النفسية والاجتماعية في وزارة الصحة السعودية، أن عدد المصابين بالاضطرابات العصبية والأمراض المرتبطة بالاكتئاب خلال العام الهجري 1436، بلغ 54 ألفا و622 مصابا، وتشمل هذه الأرقام المصابين الذين يراجعون الأقسام النفسية في مستشفيات الوزارة فقط، غير الذين يتحملون كلفة العلاج النفسي في العيادات الخاصة.

السؤال: ماذا فعلنا من تدابير وإجراءات للحد من الأمراض النفسية؟ هل يوجد طبيب نفسي في العيادات الحكومية والمستوصفات؟ هل يوجد طبيب نفسي في المدارس؟ هل يوجد في رخص الزواج التي يعقدها مأذونو الأنكحة شرط توقيع طبيب نفسي يشخص حالة الزوج والزوجة الراغبين في الزواج.

مع ازدياد درجة التوتر والقلق في الحياة المعاصرة ووسائل التواصل الاجتماعي يلجأ كثيرون في العالم إلى رياضات الاسترخاء الجسمي والصفاء الذهني، وقد دخلت المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية والجامعة مثل رياضات التأمل واليوغا.

نسمع دائما بأن الوزارة أدخلت مهارات التفكير والخرائط الذهنية في المناهج وهو أمر مطلوب لكن المبالغة والإفراط فيها قد يكون على حساب الإنسان، فضجيج الأفكار له آثار على نفسية الإنسان وقد يسبب الهلوسة، ما أروع أن يُدرَّب الطلاب والطالبات في المدارس على رياضات التأمل واليوغا بهدف مساعدتهم على صفاء الذهن والذكاء والتركيز وبناء الثقة بالنفس وتعلم التنفس الصحيح، وتمارين الإطالة التي تساعد على الوعي الجسمي.