الأمن بمفهومه الشامل علم يدرس في أروقة الجامعات، وأصبحت هناك أكاديميات وجامعات تعنى بهذا الفن في مختلف تخصصاته، خاصة بعد بروز مصطلح الإرهاب المعاصر، وحشدت الجامعات لهذا الأمر برامج متخصصة، وأنشأت إدارات للتدريب وتلقي علوم الأمن وملاحقة الجريمة وكشف مروجيها، ومن هذه القطاعات الجامعة العريقة التي قادها رجل الأمن الأمير نايف بن عبد العزيز - رحمه الله - وبنى من خلالها مع وزراء الداخلية العرب منظومة أمنية على مستوى الوطن العربي.

وعندما نتحدث عن الهم الوطني وهاجس تحقيقه، تتنافس أجهزة الدول في الرقي بالعاملين فيها، وتحرص على تزويدهم بالمهارات اللازمة لتلقي مختلف أشكال التدريب، وتأتي في مقدمة حراس الأمن في المملكة العربية السعودية رئاسة أمن الدولة، هذا الجهاز الذي انبرى لملاحقة وكشف الإرهاب، وتصيّد منابعه، والعمل على تجفيفها، ولهذا كتب الله النجاح لمسيرة هذا الجهاز على مدى رحلة طويلة، أيضا ساهم في إنجاحها مؤسس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية الأمير نايف - رحمه الله - وجمع سيفين في غمد واحد؛ الجامعة وأمن الدولة.

ومع تنوع الإدارات وفنونها جاءت الدولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين بتطوير جهاز أمن الدولة، بقيام رئاسة أمن الدولة، واختير لهذه المهمة أحد خريجي معاقل الأمن في المملكة عبدالعزيز الهويريني، لتبدأ رحلة جديدة مع رؤية المملكة 2030 بريادة ولي العهد، فأصبحت أجهزة الدولة تتنافس في المخرجات كل في تخصصه، وهنا توجهت رئاسة أمن الدولة لتمد يدها مواصلة التدريب والتطوير عبر برامج أمنية متخصصة بتوقيع اتفاقيات أمنية بحثية ودراسات وبحوث من الجامعة المتخصصة جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، وهذا ما حدث قبل أيام قلائل، رأينا آخرها بالاتفاقية التي وقعها رئيس جامعة نايف العربية الدكتور عبدالمجيد البنيان، ووكيل رئاسة أمن الدولة ناصر بن علي الصيخان، تقدم من خلالها البحوث والدورات التدريبية لمنسوبي جهاز أمن الدولة على مختلف قيادييها ومن يعمل في سلك العمل الأمني، وستشهد الأيام المقبلة تطوير هذه البرامج، وعمل تصاميم وبرامج عمل مشتركة بين الجامعة والرئاسة، وهو ما تهدف إليه هذه الاتفاقية، ولعل الشيء بالشيء، فما يطيب ذكره أن التكاملية بين هذه الجهازين الجامعة الأمنية عربيا ورئاسة أمن الدولة التي أثبتت الأيام نجاح برامجها وتفوق مدرستها بتقديم نجاحها أمام العالم حتى استحقت أعلى الشهادات: مثل شهادة تينت الشهيرة. ونجاح المملكة في وضع تجارب نجاحها عبر منصة منظمات حقوق الإنسان باستحقاق، كما تشير الوثيقة الصادرة في هذا المجال إلى أن برامج التأهيل ومكافحة الإرهاب في أمن الدولة السعودي أصبحت تؤتي ثمارها على المستوى المحلي والعالمي، يشهد به القاصي قبل الداني، ولهذا شهدنا مثل هذه الاتفاقيات التي تدعم العاملين في أمن الدولة وترفع من مستوى قدراتهم وعلومهم الأمنية في جامعة متخصصة قطعت على نفسها وعودا أن تكون جامعة تدعم برامج التدريب الأمنية على مستوى الوطن العربي والشراكات مع الآخرين في العالم، بتوجهات من رئيس المجلس الأعلى للجامعة وزير الداخلية الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف الذي أطلق الإستراتيجية الجديدة للجامعة للأعوام 2019 /‏‏2023، لتكون متماشية مع خطط التطوير التي تعيشها أجهزة الأمن العربية في الرفع من مستوى التدريب وتطوير برامج الجامعة واستحداث كليات تدفع بالمخرجات إلى ما يحقق الأمن الشامل، الذي يتطلع إليه المختصون والعاملون في الحقل الأمني في كافة التخصصات، ووفق رؤية وزراء الداخلية في الوطن العربي.

حقا هذه تكاملية ملموسة في دولة المقر، تطلقها جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية شراكة وخدمة للمنظومة الأمنية في الوطن العربي، الذي شهد خلال الفترة الحالية حراكا قويا شهدناه في تونس وبيروت والأردن والقاهرة، عبر برامج تدريبية وورش عمل وزيارات عمل تصب في النهاية على جودة عطاء الجامعة والشراكات التي تقوم بها لتحقيق أمن ينشده الجميع.