في يوم الأحد، 14 من يوليو الجاري، وصل وفد قطري رفيع المستوى من وزارة الدفاع القطرية، بينهم ضابط برتبة كبيرة إلى إحدى المدن المثيرة للجدل وسط الصومال تدعى "طوسمريب" وتبعد على العاصمة حوالي 650 كيلومترا، وهي المقر الرسمي لحكومة غلمدغ المحلية التي تشهد تفجيرات إرهابية متكررة تتبناها حركة ما يعرف بـ"الشباب" المتطرفة. إلا أن هذه الزيارة لم تأخذ صدى في وسائل الإعلام كثيرا، لكنها بحسب المصادر تحمل أبعادا وأهدافا للدوحة غير متوقعة.

"الوطن" تنشر سلسلة حلقات متتابعة، عن دور هذه المدينة في تهريب "اليورانيوم" إلى إيران، وماهية الوساطة القطرية والدور المشبوه مع "حركة الشباب" المتطرفة، ومعلومات مثيرة أخرى عن تحركات خفية في البلاد تحت واجهة "العمل الخيري".

تدريب ميليشيات

بحسب موقع Somaliya today، فقد كان في استقبال الوفد القطري بمطار مدينة "طوسمريب" وزير الدولة لوزارة الدفاع الصومالية محمد علي حجا، وأعضاء بارزين من مسؤولي الوزارة، مؤكدا أن مصادر داخل أروقة الحكومة تشير إلى أن الدوحة بصدد دعم الحكومة الفيدرالية بهدف تدريب ميليشيات مايعرف بـ"أهل السنة والجماعة" وهي جماعة صوفية لها علاقاتها الوطيدة مع إيران، وتم دمجها في القوات الصومالية المسلحة، مؤخرا.

طرق تهريب اليورانيوم

يتحدث مصدر صومالي خاص ومطلع على الأحداث داخل البلاد لـ"الوطن" عن الدور غير التقليدي لقطر في الصومال، حيث أشار إلى أن هذه الجماعة الصوفية هي من ترتب استقبال الوفود الإيرانية والقطرية، وأن هنالك شخصا يدعى "المعلم محمود" وهو نائب رئيس هذه الجماعة، هو من يشرف شخصيا على تهريب كميات اليورانيوم من المناطق التي تسيطر وتنشط فيها حركة "الشباب" الإرهابية، في عملية مشابهة لسرقة وبيع النفط في السوق السوداء بواسطة تنظيم "داعش" في سورية والعراق.

ويضيف المصدر نقلا عن شهود ميدانية، أنه بسبب عدم وجود أجهزة لكشف المعادن، تعمل الميليشيات المتمردة على تعبئة اليورانيوم المتواجد بكثرة داخل أكياس، ثم يتم تهريبها بطرق ملتوية للعاصمة مقديشو برا وبحرا، ثم تهرب إلى إيران. ولفت المصدر إلى أن حركة الشباب تهدف للسيطرة على المناطق التي يتواجد فيها اليورانيوم بكثرة في الوسط والشمال الغربي، مبينا أن قصص التهريب معروفة داخل الصومال إلا أن الطرق تختلف بسبب أن التصوير ممنوع في المناجم والمناطق التي يتواجد فيها اليورانيوم.

من طرق التهريب:

- جماعة صوفية ترتب استقبال الوفود القطرية والإيرانية

- تتعمد الميليشيا السيطرة على المناطق الغنية باليورانيوم عبر التفجيرات

- طائرات قطرية مدنية وعسكرية تكرر رحلاتها في مدن صومالية تسيطر عليها حركة الشباب دون تفتيش

- تعبئ المواد عبر أكياس بلاستيكية لإبعاد أي شبهة

- يتم تهريبها إلى العاصمة مقديشو برا وبحرا ثم تشحن إلى إيران

- يتم تهريب الحيوانات والكائنات الفطرية

- انتشار غسيل الأموال والتسيب الأمني ساعدا الميليشيات في التهريب

تأكيدات أميركية

كانت شبكة Fox News الأميركية، قد نشرت تقريرا عام 2017، أكدت فيه وجود رسالة وجهها وزير الخارجية الصومالي يوسف عمر، إلى السفير الصومالي في واشنطن، أحمد عوض، يحذر فيها الولايات المتحدة من وجود شبكة متشددة مرتبطة بـ"داعش" و"القاعدة" تستولي على الأراضي في الجزء الأوسط من البلاد، وترسل شحنات اليورانيوم إلى إيران.

وجاء في نص الرسالة الموجهة "يمكن تلخيص هذه المسألة بكلمة واحدة هي اليورانيوم، لقد استولت ميليشيات حركة الشباب على رواسب معتبَرة من اليورانيوم في منطقة غالمودوغ، لصالح تعدين قطاع النقل في إيران". وناشد المسؤول الصومالي في رسالة وجهها إلى السفير الأميركي لدى الصومال، ستيفن شوارتز، الولايات المتحدة تقديم المساعدة العسكرية الفورية لبلاده من أجل التصدي لهذه التطورات.

ويشير التقرير إلى أن هذه الخطوة بالنسبة لإدارة ترمب، تمثل تهديدا أمنيا إضافيا، حيث تتصدى الحكومة الأميركية في الوقت نفسه لموقف نووي مع كوريا الشمالية، واحتمال حدوث حالة من الجمود في أفغانستان ونشاط "داعش" في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

رحلات الخطوط القطرية

أبدى المصدر استغرابه الشديد لفتح الرحلات المتعددة المباشرة بين مقديشو والدوحة، بحكم عدم وجود جالية صومالية كبيرة تعيش في قطر، والعكس كذلك. لكنه أشار في الآن ذاته إلى أن الفساد المنتشر في البلاد بكثرة، ساعد الخطوط القطرية على النزول والإقلاع من مطارات البلاد دون تفتيش، ولا أحد يعلم ماذا تحمل هذه الرحلات على متنها، مذكرا بالتفجير الإرهابي الذي وقع في المدينة فور وصول الوفد القطري رفيع المستوى.

كما تطرق المصدر إلى المعلومات المنتشرة بين المواطنين حول تهريب الحيوانات والكائنات الفطرية من الصومال بواسطة قطر، إلى جانب عمليات غسيل الأموال المنتشرة بسبب ضعف الرقابة المالية.

التفرقة بين القبائل

يكشف المصدر عن دور المال القطري في تقسيم أبناء القبيلة الواحدة وحتى بين إخوان العائلة الواحدة. ويشير إلى أن عشيرة "محمد فرج الدين" انشقت بسبب الأموال القطرية المدفوعة لمنتميها، إضافة لقبيلة "بلجدر" التي تنقسم إلى 3 أفخاذ: "العير" و"سعد" و"سليمان"، إذ قررت الأولى الذهاب مع الخط القطري بينما قررت الأخريان رفض أي تدخل قطري.

ويضيف المصدر "أغلب المحافظات والأقاليم تحكمها القبيلة، وهناك قبائل مضطهدة بحكم أن القبائل الكبيرة تسيطر على كل شي"، مبينا أن التدخل القطري في تفرقة هذه القبائل قتل بسببه آلاف المدنيين وتسبب في فقدان الدولة على نفوذها بنسبة 75%، وأصبح شعور الخوف بين الصوماليين يتزايد بسبب هذه التفرقة".

نفوذ القبائل

يقول المصدر، إن حكومة "محمد فرماجو" التي تربطها علاقات وثيقة مع حكومة قطر، تسعى لكسب ولاية ثانية في عام 2020، عبر إضعاف نفوذ القبائل. حيث عمل فرماجو على التحالف مع عشيرة "فرج الدين" التي تمتلك قوة عسكرية ودبابات وأسلحة مضادة للطائرات وتسيطر على إقليم جلموند كاملا وعلى العاصمة، ودعمت الرئيس فرماجو ثم انقلب عليها بعد ما استلم الحكم، وقام بمداهمة بيوت أعضاء البرلمانيين المنتمين لها.

ويضيف المصدر "أن حاكم ولاية جلمدود ورئيس الإقليم اسمه أحمد دعالي جيلي ويلقب بحاف، حاربوه بشتى الوسائل وسجنوه للتنازل عن الحكم لصالح أشخاص تابعين لفرماجو، حيث جلبوا قوات كبيرة ودبابات وأسلحة كبيرة من فخذ سعد وسليمان، قبل أن يتدخل السياسيون ويخمدوا الفتنة".

أكذوبة قطع العلاقات مع إيران

يصف المصدر الحالة الأمنية في الصومال بـ"الكارثة"، حيث تملأ الميليشيات شوارع العاصمة، وسط انتشار للجريمة والسرقات، إذا بات كل أحد يحمي نفسه ولا يوجد تأمين للمناطق الحيوية سوى المطار وطريق الميناء والقصر الجمهوري فقط. وأكد المصدر أن مسألة قطع العلاقات مع إيران أكذوبة كبرى، حيث إن الإيرانيين يتواجدون بكثرة، ويستخدمون الفقراء من اليمنيين والسوريين لتنفيذ أجنداتهم، والكل يدخل للبلاد دون حسيب، إذ إن تأشيرة الدخول يتم شراؤها في المطار، وتعتمد على المال بشكل أساسي. وأعرب المصدر عن تخوفه من دخول البلاد، وقد تعرض لتهديدات شخصية بسبب معارضته التدخلات القطرية والتركية، قائلا "نريد أن تكون بلادنا مستقرة، ونريد طرد أي تواجد أجنبي ونعيش بسلام دون تفجيرات مثل بقية الشعوب".