(أ)
هذا المقال عزيزي القارئ مختلف عن طريقتي الدائمة في الكتابة، من حيث المحتوى، ومن حيث الأسلوب.
(ب)
في البداية أود الاعتراف كما اعترف غازي القصيبي في حياته في الإدارة، بأنه كان يستقي أفكار زاويته (في عين العاصفة) أيام حرب الخليج من مجلس الشيخ حمد آل خليفة اليومي أيام ولايته للعهد لمملكة البحرين، والتي كانت تضم بعض قادة البحرين من سياسيين ودبلوماسيين وعسكريين، والتي أسماها غازي (كتيبة الصافرية). أقول، بأنني أستقي بعض أفكار مقالاتي من تجمع جميل يضم نخبة من الكتاب والمثقفين والأكاديميين الرائعين والجميلين على تطبيق الواتساب، وقد أشرت إلى هذا الأمر في مقالات سابقة، خصوصاً المقال السابق، واليوم فقط أؤكد عليه.
(ت)
في إحدى الليالي الماضية دار الحديث بين الأصدقاء عن الحكمة؟ ما هي؟ وكيف تتم صناعتها؟ وما أسباب نشوئها لدى الأشخاص؟ وهل للفلسفة دور كبير في تكوينها في عقل الإنسان؟ وعلى ماذا يمكن للإنسان أن يعتمد بشكل كبير في بنائه وصناعته للحكيم في داخله؟ وهل للعمر دور في تشكيل الحكيم في الذات الإنسانية؟ أم فقط أنها التجارب؟ وكثير من الأسئلة التي دارت حول هذا الموضوع.
(ج)
تنوعت الإجابات وطال الحديث وتشعب، واستفاد كل الأصدقاء في المجموعة إما بفكرة، أو بخاطرة، أو بمسمى لكتاب حثّ على قراءته أحد المتناقشين، أو حتى بفتح مجال للتفكير في ناحية من المناحي الفكرية التي لم يسبق لبعضنا الوصول إليها من قبل.
(خ)
بما أن الحديث كان يدور حول الحكمة، فإنني تذكرت على الفور، أو قل لم يغب عن ذهني أبداً، مقال للكاتب الجميل محمد الرطيان تم نشره في عام 2012 وأعاد نشره في كتابه (وصايا) كان عنوانه (وصية رجل أسقطته السياسة ورفعته الحكمة).
تكلم المقال عن التجربة و(الخبرة) في حياة الإنسان، وماذا يمكنها أن تصنع به إذا منحته الانتصارات، وبالمقابل ماذا يصاحبها إذا جاءت بالانتكاسات والهزائم على صعيد آخر. ثم تحدث فيه عن الشريف بركات بن محمد بن مالك أبونمي الثاني، أحد السياسيين الأشراف الذين عاشوا في أواخر القرن الثاني عشر وبدايات القرن الثالث عشر الهجري في منطقة مكة المكرمة، وكيف أنه عاصر أحداثاً عظاماً غيرت مجرى تاريخ المنطقة كما تشير إليه قصيدته العظيمة التي وجهها إلى ابنه مالك.
(د)
لن أتحدث كثيراً عن المقال الذي كتبه محمد، وأيضاً لن أتحدث عن الحكمة، وكيف يتم بناؤها في داخل الإنسان، وإن كنت دائماً أنظر إلى هذا الموضوع بنوع من الاهتمام، ولذا فإنني أحاول الاطلاع بشكل دائم على السير الذاتية للرجال العظماء عبر مذكراتهم الشخصية، لأنني بطبيعة الحال، أتمنى أن أصل في يوم من الأيام إلى أن أصبح من أكثر أصحاب العقول حكمة وفراسة وفطنة، على الأقل في محيطي الصغير.
(ع)
قسّمت مقالي إلى مقاطع وعلى رأس كل مقطع حرف، وهذه هي الطريقة التي يحب أن يكتب بها محمد الرطيان وخصوصاً في مقالاته التي يدعوها بـ (الفاكهة). وعليه فإنني أقول وبملء فمي بأنني من أشد المعجبين به وبقلمه وبحرفه، كما أنني أستمتع دائماً بالعودة إلى مقالاته وكتبه لقراءتها، ليس من أجل أن أستنبط الأفكار منها بقدر ما أجد من المتعة في تذوق لغته وطريقته في الكتابة واصطياد الأفكار.
لا أكذب عليكم إن قلت إنني قرأت روايته الجميلة (ما تبقى من أوراق محمد الرطيان) مرتين متتاليتين. وفي كل مرة أجد لذة كبيرة في الغوص في داخل النص مثلما أجد اللذة في تلاعبه في الألفاظ والمعاني.
(س)
عندما كان يكتب في المختلف كان مختلفاً حسب كلام من عاصروا تلك الحقبة، وبطبيعة الحال لا يمكنني الحكم عليها، لأنني لم أكن أقرأ له هناك بحكم صغر سني وقتها. ولكن عندما جاء لهذه الصحيفة واحتل زاوية من زوايا صفحاتها الأخيرة في يوم الثلاثاء، داومت وعلى مدى سنوات على الحرص على قراءة أعداد هذه الجريدة على الأقل تلك التي تصدر يوم الثلاثاء. وعندما انتقل إلى المدينة، انتقلت معه هناك وأنا الذي لم يطّلع على أي عدد من أعدادها قبل كتابته فيها.
(ص)
مع أن أغلب نصوص الرطيان جميلة، إلا أن نص (هليل) لا يزال هو الأثير لدي بلا شك، وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فبإمكاني القول بأنني عندما قرأت رواية النهايات لعبدالرحمن منيف واطلعت على دور عساف. وعساف هو ذلك الشخص غريب الأطوار في الرواية، أصدقكم القول بأنه لم يتبادر إلى ذهني إلّا هليل فقط.
وبما أننا في سيرة عبدالرحمن منيف، فإنني كلما أتذكر متعب الهذال، البدوي الثائر على التغييرات الجديدة في الصحارى العربية كما صورته رواية مدن الملح، تبرز في مخيلتي صورة الرطيان بصورته كصحفي ثائر بالأدب في صحارى الصحفيين وبلاط الإعلاميين.
(و)
يقول سعد المحارب في نهاية مقالتين، خاصة عن محمد، بعد أن يشرح الحالة الأدبية والصحافية التي ينتمي لها الرطيان: إننا أمام كاتب مختلف في اختياره عن أغلب المطروح في الصحافة السعودية، طريقه التمرد، وهدفه الإدهاش، ومصيره أن يبقى شبه كاتب صحافي وشبه أديب، وفي كل الأحوال مبدعاً في اختلافاته.
(ي)
أين محمد الرطيان؟
@faissal_ms
هذا المقال عزيزي القارئ مختلف عن طريقتي الدائمة في الكتابة، من حيث المحتوى، ومن حيث الأسلوب.
(ب)
في البداية أود الاعتراف كما اعترف غازي القصيبي في حياته في الإدارة، بأنه كان يستقي أفكار زاويته (في عين العاصفة) أيام حرب الخليج من مجلس الشيخ حمد آل خليفة اليومي أيام ولايته للعهد لمملكة البحرين، والتي كانت تضم بعض قادة البحرين من سياسيين ودبلوماسيين وعسكريين، والتي أسماها غازي (كتيبة الصافرية). أقول، بأنني أستقي بعض أفكار مقالاتي من تجمع جميل يضم نخبة من الكتاب والمثقفين والأكاديميين الرائعين والجميلين على تطبيق الواتساب، وقد أشرت إلى هذا الأمر في مقالات سابقة، خصوصاً المقال السابق، واليوم فقط أؤكد عليه.
(ت)
في إحدى الليالي الماضية دار الحديث بين الأصدقاء عن الحكمة؟ ما هي؟ وكيف تتم صناعتها؟ وما أسباب نشوئها لدى الأشخاص؟ وهل للفلسفة دور كبير في تكوينها في عقل الإنسان؟ وعلى ماذا يمكن للإنسان أن يعتمد بشكل كبير في بنائه وصناعته للحكيم في داخله؟ وهل للعمر دور في تشكيل الحكيم في الذات الإنسانية؟ أم فقط أنها التجارب؟ وكثير من الأسئلة التي دارت حول هذا الموضوع.
(ج)
تنوعت الإجابات وطال الحديث وتشعب، واستفاد كل الأصدقاء في المجموعة إما بفكرة، أو بخاطرة، أو بمسمى لكتاب حثّ على قراءته أحد المتناقشين، أو حتى بفتح مجال للتفكير في ناحية من المناحي الفكرية التي لم يسبق لبعضنا الوصول إليها من قبل.
(خ)
بما أن الحديث كان يدور حول الحكمة، فإنني تذكرت على الفور، أو قل لم يغب عن ذهني أبداً، مقال للكاتب الجميل محمد الرطيان تم نشره في عام 2012 وأعاد نشره في كتابه (وصايا) كان عنوانه (وصية رجل أسقطته السياسة ورفعته الحكمة).
تكلم المقال عن التجربة و(الخبرة) في حياة الإنسان، وماذا يمكنها أن تصنع به إذا منحته الانتصارات، وبالمقابل ماذا يصاحبها إذا جاءت بالانتكاسات والهزائم على صعيد آخر. ثم تحدث فيه عن الشريف بركات بن محمد بن مالك أبونمي الثاني، أحد السياسيين الأشراف الذين عاشوا في أواخر القرن الثاني عشر وبدايات القرن الثالث عشر الهجري في منطقة مكة المكرمة، وكيف أنه عاصر أحداثاً عظاماً غيرت مجرى تاريخ المنطقة كما تشير إليه قصيدته العظيمة التي وجهها إلى ابنه مالك.
(د)
لن أتحدث كثيراً عن المقال الذي كتبه محمد، وأيضاً لن أتحدث عن الحكمة، وكيف يتم بناؤها في داخل الإنسان، وإن كنت دائماً أنظر إلى هذا الموضوع بنوع من الاهتمام، ولذا فإنني أحاول الاطلاع بشكل دائم على السير الذاتية للرجال العظماء عبر مذكراتهم الشخصية، لأنني بطبيعة الحال، أتمنى أن أصل في يوم من الأيام إلى أن أصبح من أكثر أصحاب العقول حكمة وفراسة وفطنة، على الأقل في محيطي الصغير.
(ع)
قسّمت مقالي إلى مقاطع وعلى رأس كل مقطع حرف، وهذه هي الطريقة التي يحب أن يكتب بها محمد الرطيان وخصوصاً في مقالاته التي يدعوها بـ (الفاكهة). وعليه فإنني أقول وبملء فمي بأنني من أشد المعجبين به وبقلمه وبحرفه، كما أنني أستمتع دائماً بالعودة إلى مقالاته وكتبه لقراءتها، ليس من أجل أن أستنبط الأفكار منها بقدر ما أجد من المتعة في تذوق لغته وطريقته في الكتابة واصطياد الأفكار.
لا أكذب عليكم إن قلت إنني قرأت روايته الجميلة (ما تبقى من أوراق محمد الرطيان) مرتين متتاليتين. وفي كل مرة أجد لذة كبيرة في الغوص في داخل النص مثلما أجد اللذة في تلاعبه في الألفاظ والمعاني.
(س)
عندما كان يكتب في المختلف كان مختلفاً حسب كلام من عاصروا تلك الحقبة، وبطبيعة الحال لا يمكنني الحكم عليها، لأنني لم أكن أقرأ له هناك بحكم صغر سني وقتها. ولكن عندما جاء لهذه الصحيفة واحتل زاوية من زوايا صفحاتها الأخيرة في يوم الثلاثاء، داومت وعلى مدى سنوات على الحرص على قراءة أعداد هذه الجريدة على الأقل تلك التي تصدر يوم الثلاثاء. وعندما انتقل إلى المدينة، انتقلت معه هناك وأنا الذي لم يطّلع على أي عدد من أعدادها قبل كتابته فيها.
(ص)
مع أن أغلب نصوص الرطيان جميلة، إلا أن نص (هليل) لا يزال هو الأثير لدي بلا شك، وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فبإمكاني القول بأنني عندما قرأت رواية النهايات لعبدالرحمن منيف واطلعت على دور عساف. وعساف هو ذلك الشخص غريب الأطوار في الرواية، أصدقكم القول بأنه لم يتبادر إلى ذهني إلّا هليل فقط.
وبما أننا في سيرة عبدالرحمن منيف، فإنني كلما أتذكر متعب الهذال، البدوي الثائر على التغييرات الجديدة في الصحارى العربية كما صورته رواية مدن الملح، تبرز في مخيلتي صورة الرطيان بصورته كصحفي ثائر بالأدب في صحارى الصحفيين وبلاط الإعلاميين.
(و)
يقول سعد المحارب في نهاية مقالتين، خاصة عن محمد، بعد أن يشرح الحالة الأدبية والصحافية التي ينتمي لها الرطيان: إننا أمام كاتب مختلف في اختياره عن أغلب المطروح في الصحافة السعودية، طريقه التمرد، وهدفه الإدهاش، ومصيره أن يبقى شبه كاتب صحافي وشبه أديب، وفي كل الأحوال مبدعاً في اختلافاته.
(ي)
أين محمد الرطيان؟
@faissal_ms
