تواصل "الوطن" عبر سلسلة حلقاتها عن الصومال، كشف الأدوار الخفية، التي تقوم بها قطر وتركيا في هذا البلد المنهك بالصراعات والحروب الداخلية، والذي يمتلك في الآن ذاته مقومات استراتيجية إقليمية ودولية.

وفي حين كشفت الحلقة الأولى عن تورط نظام الحمدين في تهريب اليورانيوم ودعم الميليشيات المتطرفة في البلاد، ونهب الثورات الطبيعة والسيطرة على الجيش الصومالي بشكل كامل، عبر الأفراد المتربطين به من حركة "الشباب"، واستعراض الحركة الثانية عن طرق تجنيد قطر للشباب الصومالي الفقير، ورغبتها في حشدهم على الحدود السعودية، تكشف الحلقة الثالثة عن الدور التركي الآخر المشبوه، الذي لايقل خطورة عن نظيره القطري، عبر استغلال ضعف الرقابة المالية والأمنية للدخول والتمركز في مناطق استراتيجية تحت مظلة "الجمعيات الخيرية والمؤسسات التعليمية"، إلا أن الهدف الأكبر أبعد من ذلك، وهو تثبيت أركان الاحتلال الاقتصادي، مرورا بتجارة أعضاء المدنيين، ووصولا إلى تعليم المثلية الجنسية في بعض المدارس.

ارتفاع البطالة والسطو على المشاريع

يقول المصدر الصومالي الخاص لـ"الوطن"، إن "دخول تركيا في بلادنا بدأ منذ أزمة الجفاف، وتقديمهم المساعدات البسيطة للنازحين، إلا أنهم بدأوا بتأسيس شركات خاصة، وهيمنوا على الحكومة لتوقيع عقود شراكات في الموانئ الرئيسية والمطارات والمستشفيات والمدارس".

ويضيف "أحدث التدخل التركي في بلادنا بطالة كبيرة بين الشباب، إذ أن الهيمنة التركية على المشاريع الحكومية أجبرت التجار الصغار على الإفلاس وترك رزقهم، إضافة إلى أن الاتراك جلبوا أجهزتهم الطبية وكوادرهم ومواد البناء والإنشاءات من بلادهم، ثم يبيعون الخدمة على الصومالييين بأموال طائلة".

أخطاء طبية وتجارة أعضاء

يشير المصدر خلال حديثه لـ"الوطن"، إلى أن أحد المراكز الطبية التركية أوقفت خدماته بسبب فضيحة سرقة أعضاء المرضى، بحجة أن المريض ميؤوس من حالته، مشيرا إلى أن اثنين من أقربائه توفيا نتيجة خطأ طبي كارثي، بسبب ضعف الرقابة الحكومية وتساهل الدولة مع مثل هذه الحالات.

ويضيف "مظاهرات الشباب الصومالي لاتتوقف ضد الهيمنة التركية، حيث كان الكثير منهم يعمل في الموانئ بمهن يومية بسيطة، قبل أن يتم تسريحهم من قبل الأتراك، الذين سيطروا بشركاتهم ورجالهم على موانئ الصومال"، مبينا أنه لايوجد مركز صحي تركي يقدم خدماته بالمجان، بعكس مدينة زايد الطبية التي أغلقت، وكانت تقدم خدماتها مجانا للكثير من المحتاجين.

انحلال أخلاقي

أكد المصدر أن المدارس والمراكز التعليمية التركية لاتقل خطورة عن نظيراتها، إذ أن هناك مدرسة تربطها علاقة بتركيا أشغلت بال الصوماليين بتعليمها المثلية الجنسية، حيث استضافت خلال فترة سابقة، أحد الناشطين الغربيين، وتفاخر بمثليته الجنسية خلال إلقائه إحدى المحاضرات أمام الطلاب، مبينا أن عمل هذه المدرسة لايزال غامضا حتى الآن، إذ تتوارد الأنباء وسط الصوماليين أن الأتراك قد يكونوا وضعوا واجهة صومالية لها خشية افتضاح أمرها.

ويقول المصدر إن "بعض الصحفيين ورجال الدين سجنوا بسبب حديثهم عن هذه المدرسة"، لافتا إلى أن الأتراك جلبوا عوائلهم، وهيمنوا على المدارس لدرجة أن المدارس الأهلية الصومالية أقفلت أبوابها وسرح معلموها لصالح المدارس والمراكز التركية.

غسيل الأموال وضعف الرقابة

يقول المصدر إن "المراكز التجارية التي بنتها تركيا تجلب فيها اليمنيين والسورييين لكنها ترفض دخول الصومالي فيها، ومن يعارض مثل هذه التوجهات يكون معرضا للقتل".

ويكشف المصدر أن المستفيد الوحيد من هذا الاحتلال التركي الاقتصادي هم العصابات والتجار المتورطين في غسيل الأموال، عبر مراكز الحوالات المالية المشبوهة، إذ أن الأموال النقدية لايكاد يتعامل بها، والمعاملات المصرفية والنقدية أصبحت عبر "الهاتف الجوال".

كما يلفت المصدر إلى أن تركيا احتكرت تجاريا استيراد المواد الغذائية، وتصدير المواشي عبر شركاتها الخاصة المهيمنة على الموانئ، والتي تأخذ نسبا عالية، واصفا أن هذا التغلغل يهدف إلى حماية القاعدة الرئيسية لهم، والتي تقع جنوبي العاصمة مقديشو بنحو 15 كيلومترا.

وأرجع المصدر المسؤولية في هذا الاحتلال الاقتصادي، هو بسبب فساد المسؤولين والبرلمانييين داخل الحكومة، الذين فتحوا الباب على مصراعيه للتدخلات القطرية والتركية، مؤكدا أن "حركة الشباب المتطرفة"، أصبحت هي الحاكم الفعلي للبلاد، ومحاكمها هي من تصدر الأوامر القضائية والتنفيذية.

أكبر قاعدة تركية خارج البلاد

كانت أنقرة قد افتتحت أكبر قاعدة عسكرية لها خارج حدودها في عام 2017 جنوبي العاصمة الصومالية مقديشو.

وتعد القاعدة التي تضم 3 مدارس عسكرية بجانب منشآت أخرى، أكبر معسكر تركي للتدريب العسكري خارج تركيا، وتقع القاعدة على ساحل المحيط الهندي، وتعمل بطاقة تدريب تصل إلى 1500 جندي صومالي.

وقالت أنقرة آنذاك "إن الهدف الرئيسي من إقامة هذه القاعدة هو المساعدة في إنشاء جيش صومالي قوي قادر على مواجهة حركة الشباب المتشددة، وغيرها من الجماعات المسلحة.

ويقول المراقبون إن سعي أنقرة للتعاون العسكري مع الصومال، يهدف إلى رغبتها في الحصول على عقودات تسليح الجيش الصومالي، بعد خروج قوات الاتحاد الإفريقي، لتصبح مقديشو مدخلا لفتح أسواق جديدة للصناعة العسكرية التركية في بعض بلدان شرق إفريقيا.

*تحركات أنقرة في الصومال:

-التغلغل الاقتصادي عبر واجهة الأعمال الخيرية

-تثبيت نفوذ القاعدة التركية لتكون بوابة عبر مياه باب المندب

-استغلال عمليات غسيل الأموال والتسيب الأمني

-استخدام مقديشو لتكون بوابة للصناعة العسكرية التركية في بلدان شرق إفريقيا

*انعكاسات الوجود التركي في الصومال:

-بطالة واسعة بين الشباب الفقير بسبب الهيمنة على مفاصل الدولة

-استغلال وترويج الثقافة التركية عبر المراكز التعليمية

-تقديم الخدمات الصحية والتعليمية بأموال باهضة

-إفلاس التجار الصوماليين الصغار

-انحلال اجتماعي وأخلاقي