كثير من النقاد والمتابعين والمخططين الإستراتيجيين، ممن يتابعون التطور السريع الذي تشهده المملكة في جميع مساراتها، وعلى جميع الأصعدة، يقومون بتدوين بعض ملاحظاتهم وبعض الأخطاء التي تُرتكب، ويجعلون منها موضوع نقاش وتحليل وقضية رأي عام بصيغة العتاب واللوم، وليس بصيغة كيفية الاستفادة من الخطأ، وكيفية تقويم هذا الخطأ. «ولست بصدد تقييم الأخطاء أو النجاحات هنا، حتى لا يخرج الموضوع عن مساقه الأصلي»، ولكني أنظر إلى هذا الأمر من زاوية أخرى، خاصة عندما يكون بعض أصحاب تلك الأعمال والأفكار الريادية، هم من الشباب الطموحين الذين يريدون بناء وطنهم، والإسهام في رسم لوحته الحضارية المقبلة، لكن بعضهم -ومنهم من حدثني شخصيا- يصطدم برأي ناقد يسبب له التوقف والتردد، ووأد الفكرة قبل أن تولد أحيانا، فيها طموح وأفكار نوعية، ويبعده عن حلمه الذي يسعى إليه بمجرد أنه حاول أو أخطأ في صياغة مشروع معين أو فكرة أو بدأ فيها، وما علم هذا الناقد أو الخبير الإستراتيجي العالمي، أنه لم يصل إلى ما وصل إليه دون أن يرتكب أخطاء، وأن يبذل محاولات عدة، والتاريخ يخبرنا أن العلماء والمفكرين خرجوا من رحم الأخطاء والمحاولات المتكررة.

فقصة نجاح «توماس أديسون»، عندما فشلت محاولاته مرات عدة في إنتاج مصباح كهربائي، حين سئل عنها، ردّ بأنه لم ير أن الإخفاق في هذه التجارب يعدّ فشلا على الإطلاق، بل على العكس، فقد نجح خلالها في معرفة آلاف الطرق التي لا يمكنه خلالها تصنيع مصباح كهربائي. إن موقف «أديسون» تجاه الأخطاء هو الذي مكّنه من أن يقدم أهم اختراع في التاريخ.

إن هناك كثيرا من الأشياء التي تأتي عن طريق الخطأ أو المصادفة، والشواهد التاريخية على ذلك كثيرة. منها عندما كان «كولومبوس» يبحث عن طريق أسرع للوصول إلى القارة الهندية، فتحولت وجهته عن طريق الصدفة إلى اكتشاف أميركا.

إن بعض هؤلاء الخبراء الذين لا يجعلون لشبابنا فرصة، بحجة أنه لا بد أن تكون نسبة الخطأ صفرا، خاصة في بداية المحاولات، لم يعلموا أن القاعدة الذهبية تقول ما قاله «توماس جيه. واتسون» الذي أسس شركة «آي. بي. إم»، إن «الطريق إلى النجاح هو أن تضاعف معدل فشلك»، على اعتبار أن الخطأ إستراتيجية للتعليم والتعلم، وبذلك يصبح فرصة لبناء التعلم إذا ما تم الاعتراف بحق الشخص في ارتكاب الخطأ، والانطلاق منه لهدمه وتعويضه بالمعرفة العلمية الجديدة، وعدم محاربته فكريا أو علميا أو عمليا، وتسليط الأسهم للحد من مثابرته، يلي ذلك تحديد الخطأ بدقة، ووضع فرضيات تفسيرية لمعرفة كيفية الاستفادة منها.

أخيرا، فلندع شبابنا يعملون ولو أخطؤوا، إذا كان عملهم بهدف الابتكار والتطوير، ولنقف إلى جانبهم للتقويم والتعديل.