يتفق مختصو الجودة الصحية على أن عملية تقييم الخدمات الصحية تتم خلال 3 محاور رئيسية: الأول، وهو مؤشرات الأداء للإدارات والأقسام والأفراد، وذلك خلال نسب وأرقام تتم صياغتها بناء على الإنتاجية، والعيب في هذا المحور أنه يمكن التحايل على الأرقام والنسب، في ظل غياب نظام إلكتروني موحد، يكون قادرا على إصدار مؤشرات الإنتاجية بمصداقية عالية.

والثاني: وهو وجود طرف آخر محايد يقوم بتقييم الخدمات الصحية، كما يحدث حاليا من المجلس المركزي لاعتماد المنشآت الصحية «سباهي»، وبعض الجهات الرقابية. والعيب في هذا المحور أنه مرتبط بجدول زمني محدد، فـ«سباهي» مثلا يقيّم المنشآت الصحية في فترات تمتد سنوات بين كل زيارة وأخرى.

والثالث: هو صوت العميل، وهذا أفضل أنواع التقييم، إذ يتم تقييم الخدمة بطرق مباشرة أو غير مباشرة من المرضى والمراجعين، وتكون على شكل شكوى، أو تعبئة استبيان، أو اتصال بالرقم 937.

وحقيقةً، فبرنامج 937 من البرامج الرائدة في تجويد الخدمات الصحية التي تم إطلاقها في عهد الوزير عبدالله الربيعة، مع مجموعة برامج كانت تهدف إلى تحسين الخدمات الصحية، نذكر منها -على سبيل المثال- جراحة اليوم الواحد، والطب المنزلي، وإدارة الأسرة، وعلاقات المرضى، والمراجعة الإكلينيكية، وإدارة المخاطر الصحية، إلا أن عملية تفعيل برنامج 937 تمت بشكل فاعل خلال السنتين الماضيتين، ويتلقى هذا الرقم كَمّا هائلا من الملاحظات والشكاوى التي تعكس أوجه القصور والخلل في تقديم الخدمة الصحية.

ورغم أن البعض يرى أن الرقم 937 أصبح يشكل عبئا وثقلا على الكادر الصحي، بسبب عدم مصداقية بعض الملاحظات، إلا أن هذا الطرح غير منطقي، فعملية قياس نجاح أي برنامج تتم على الحالة السائدة وليس على الحالات الشاذة، وحالات استخدام الرقم 937 بشكل خاطئ هي حالات نادرة، وتشكل أقل من 10% من كمية الاتصالات، بينما الـ90% الأخرى تشكل صوت عميل حقيقي، يحاول تصحيح وتجويد الخدمة الصحية، خلال إيصال صوته إلى المسؤول.

وإذا كانت هناك مشكلة في الرقم 937، فهي في طريقة التعامل مع البلاغات الواردة، فالبعض -للأسف- يرى أن ارتفاع معدل الشكاوى والبلاغات شهريا هو مؤشر إيجابي، وللأسف، فهذا غير صحيح، ويدل على استمرار الخلل والملاحظات دون حلول.

إن الرقم 937 يعدّ بنك معلومات لصانعي القرار، لا سيما العاملين في إدارات الجودة، ويجب مع نهاية كل شهر تحليل جميع البلاغات الواردة وتصنيفها وتبويبها، حسب الأكثر شيوعا، ثم العمل على إيجاد خطط التحسين والحلول الجذرية، بدلا من الوضع الراهن الذي يعتمد على الاتصال على العميل ومحاولة إغلاق البلاغ بأي طريقة، ليقوم عميل آخر بالاتصال لاحقا بالملاحظات نفسها التي لم يتم حلّها جذريا.

وكي تتم الاستفادة القصوى من الرقم 937، لا بد أولا من تحسين مؤهلات العاملين في المركز 937، ليكونوا قادرين على تحليل البيانات، وكذلك لا بد من تطوير إدارات الجودة بالمنشآت الصحية للعمل على هذه البيانات، وتحويلها إلى مشروعات تحسين تنتهي برضا العميل عن الخدمة المقدمة، وانخفاض معدل الشكاوى والبلاغات إلى الرقم 937.