ما أن ينضم أحد من الموظفين الجدد لأي قطاع وظيفي يهتم بموارده البشرية، إلا وقد بادروه باختبار يسمى (السمات الشخصية وتحديد الميول)، وبناء على هذا الاختبار يتم تحديد الوظيفة التي تلائم هذا الموظف.

السؤال: ألا يعلمون من خلال شهادته الدراسية ماهي الوظيفة التي تلائم هذا الموظف؟ (ويفكونا من الفزلكة الزايدة).

ولكن هذا القطاع الذي يدفع لجهات مختصة في هذه التقييمات والاختبارات لتحديد الأماكن المناسبة لموظفيه، لا يدفع تلك المبالغ من باب (تجوز عليهم الصدقة)، بل من باب أنه يثق إن قام بالتركيز على نقاط القوة لدى موظفيه (وليس الضعف) فسيجعل منهم مجموعة من النخبة قادرة على المضي قدما بهذا القطاع أو الجهة، مهما ساءت الظروف من حولهم.

فإن قمنا بتطبيق هذه القاعدة على طلابنا في أي من مستويات تعليمهم، فماهو المرجو من هذه الخطوة.

كم من طلابنا لديهم من السمات الشخصية ما يجعل أحدهم مؤهلا ليكون قائدا لفريق عمل تطوعي كبير لإصلاح مشاكل البيئة، فقط لأنه يحب البيئة، وما يتعلق بها على اختلاف البيئة من حوله، وقد يتحول هذا العمل التطوعي إلى منظمة على مستوى عالمي أصلها (طالب اكتشفنا أن لديه ميولا بيئية).

كم من طالب لا نعرف بأنه روائي وكاتب قصصي، وقد نكتشفه من خلال اختياره لخانة توضح أنه يحب العزلة مع فكره.

كم من طالب أجبر على الطب، وهو يحب الميكانيكا، وبعد أن وجد من الطب مبالغ كافية عاد ليمارس هوايته في الهندسة الميكانيكية من باب (تضييع وقت)، وليس من باب محاولة أن يجد اختراعا يذهل به من حوله، كما كان يفكر في مراحل تعليمه العام، قبل أن يصطدم ببيروقراطية التعليم التي تريد أن تجعله طبيبا (بالعافية).

فلنسأل أنفسنا عن العظماء الذين خلدت أسماؤهم عبر التاريخ، هل كانوا يعملون بشهاداتهم فقط أم بما كان لديهم من سمات شخصية تم اكتشافها ثم توظيفها في المسار الصحيح، لتصبح لديهم قدرة فذة على التأثير على ما حولهم.

إن لم يتم اعتماد خطة لتصحيح هذه الفجوة بين التعليم وبين طبيعة الإنسان، فلنسألكم مرة أخرى (يا تعليمنا: هل للسمات الشخصية وتحديد الميول فائدة؟).

نظرة للسماء: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ).