من أجمل مُتع الحياة، السفرُ لغرض الإجازة والاستمتاع والاكتشاف وزيارة كل شيء جديد.

وقد قال الإمام الشافعي عن السفر «تَغَرَّبْ عَن الأَوْطَانِ في طَلَبِ الْعُلى.. وَسَافِرْ فَفِي الأَسْفَارِ خَمْسُ فَوَائِدِ /‏ تَفَرُّجُ هَمٍّ، وَاكْتِسابُ مَعِيشَةٍ، وَعِلْمٌ، وَآدَابٌ، وَصُحْبَةُ مَاجِد». ومن أجمل المقولات عن السفر، هي لإديث وارتون «من الأشياء العظيمة في السفر اكتشاف كم يوجد أناس طيبون في العالم».

وطبعا، يحلو السفر مع وسائل الراحة، من طائرة مريحة، وإقامة في فندق مرصع بالنجوم، وإجازة هنيئة.

ومن أغرب الأخبار التي انتشرت مؤخرا، ما تناقلته وسائل التواصل العالمية، عن خبر زيارة دوقة ساسيكس «ميجان ماركل» إلى نيويورك، للاحتفال مع صديقاتها بحفل يسبق «ولادتها».

المثير في الأمر، أن الإقامة في جناح بالفندق تصل إلى 75 ألف دولار في الليلة.

لم أصدق الخبر في البداية، فأصبحت كالمجنون الباحث عن العلاج «الحقيقة»، حتى اطلاعي على أحدث التقارير الصادرة عن جريدة «الشرق الأوسط»، أن هناك عددا من الفنادق حول العالم تراوح أجرة الليلة فيها بين 30 و80 ألف دولار لليلة الواحدة، ولكن بكل تأكيد، لإنفاق تلك المبالغ يحتاج السائح إلى بنية سياحية مغرية وجذابة.

محليّا، حبا الله المملكة جميع المقومات الطبيعية للسياحة، وتنوعا جغرافيا مذهلا، ومكانة دينية مهمة، ولكن يبقى هناك عدد من المعوقات التي تحتاج التطوير، من أهمها:

1- صعوبة الوصول، فالطائرات مكتظة، والحجوزات شبه معدومة صيفا، والمطارات في المدن السياحية تحتاج توسعةً حقيقية

2- عدم وجود شركات سياحية محترفة، ونشاطات مختلفة، من: تسلق جبال ورحلات سفاري وتأجير مراكب ورحلات للغطس، وزيارة للجزر في المناطق البحرية، وحتى التزلج على الثلج بعد ثلوج المناطق الشمالية

3- لم نر استثمارا حقيقيّا في السياحة، من مقاهٍ وأسواق ومدن ألعاب ومدن مائية، ومسارح وحدائق للحيوان ودُورٍ للسينما، وإنما الموجود لا يتعدى بضع حدائق متناثرة في المدن السياحية

مؤخرا، شاركت في أحد المؤتمرات الطبية بأبها «البهية»، ورغم حسن التنظيم وروعة المادة العلمية، إلا أن أبها «البهية»

ما زالت تحتاج كثيرا من الاستثمار والخطط التنموية السياحية، لجعلها المصيف السياحي الأول في المنطقة.

شخصيا، أُعجبت بتجربة «العلا السياحية» التي ولدت قوية بإعلام راقٍ، وتنظيم جميل، وأسعار معقولة، فتلك اللبنة هي الاستثمار الحقيقي، لأن السياحة منظومة متكاملة من أسعار وجودة خدمة وانفتاح، وسهولة الحصول على الأدوات الترفيهية.

نريد أن نرى حراكا سياحيا في جنوب المملكة، حيث الطبيعة والجو الجميل، وفي السواحل الغربية والشرقية، حيث الجزر وجمال البحر وصفاء الأجواء، وحيث الثلوج في شمال المملكة.

رأينا مقاطع ابتكارية للشباب السعودي، بركوب دبابات المياه في بحيرات النفود، والتزلج في «الشعبان» بعد الثلوج، وهذه محاولات جريئة ينقصها التنظيم المؤسساتي الذي يرقى بالخدمة، وبسلامة السياح، كما نجحت بطولات البلوت، رغم بساطة الفكرة، في إسعاد الشباب السعودي وتسليته.

وإذا استنسخنا تجربة «العلا» في المناطق الأخرى، فسنرى مشروعات عملاقة، وتدفقا للسياح والمستثمرين إلى مدننا وشواطئنا التي تتمتع بمواصفات عالمية.

فرؤية 2030 هي خارطة «الطريق»، وحلم سيتحقق بعقول سعودية، بإذن الله.