أقرأ كتابا وضعه كاتب مقالات بريطاني عن حياة المطربة البريطانية أديل، رصد فيه شهادات الناس من حولها، وهو رصد مقبول لكن لا أنصح به. ما يهم هنا أن المؤلف ذكر الكثير عن سخرية أديل من علاقاتها السابقة، خاصة وهي على المسرح تغني إحدى الأغاني التي لا شك تمثل لها ذكرى قد تؤلمها وهي تؤدي مرة أخرى معانيها على المسرح، لكن يبدو أنها لتعالج ذلك الانكسار الذي سيتجدد بالغناء تبدأ بتذكير نفسها أن هؤلاء المؤذين ليسوا بعمق الكلمات ولا حتى بقيمة الأشعار التي كتبت عنهم، فتسخر بحدة منهم، مما يعالج قلبها وهي تغني إلى حد ما. هذه السخرية ليست خاصة بأديل ولكنه نهج غربي تمتهنه النساء الغربيات، تتضح صورته عندما يسمن الرجل السابق بالإكس كإشارة للدماغ لنسيان اسمه تماما واعتباره انتهاء.

هناك أيضا التركيز على عيوبه وتذكير كل من يشمت بهن بها، وأقرب مثال على ذلك نيكول كيدمان أجمل فاتنة عرفتها السينما، والتي طلبت الطلاق من توم كروز عقب فضيحة علاقته ببنلوبي كروز، ويومها سئلت في برنامج عن ماذا ستفعل بعد الطلاق؟ فأشارت ضاحكة، سأشتري كعبا عاليا، كأنما تشير لكونها أطول من توم كروز، وحرصها طوال زواجها على ارتداء أحذية غير مرتفعة حتى لا تحرجه بطولها الفارع.

في الحقيقة المرأة العربية كانت من قبل أرفع من السخرية، لكنها أقرب للندية في العلاقات المنتهية. فحبيبة ابن الدمينة ردت على قصيدته التي شكا فيها قائلا:

وَأَنتِ الَّتي كَلَّفتِني دَلَجَ السُرى

وَجونُ القَطا بِالجِلهَتَينِ جُثومُ

بغضب

قائلة:

أنت الذي أخلفتني ما وعدتني... وأشمتَّ بي من كان فيك يلومُ

أبرزتني للناس حتى تركتني... لهم غرضا أرقى وأنت سليمُ

والفلاحة المصرية تقول لمطلقها

«كرهتني كرهتك نستني نسيتك ولو كنت بحر ما حود أشرب منك»

على كل حال يبدو أن ذلك من الماضي، لأنك تقرأ لكاتبات عربيات بكائيات حول الفقد والفراق، تمتلئ بالضعف واستجداء الشفقة، مما يملأك بسؤال كبير، هل صدقت النساء أنهن نعاج، وصدق الرجال أنهم ذئاب، فلا تكف النعاج عن النواح والذئاب عن الاصطياد؟