جلستُ إلى جانب رجل كبير على ضفاف كورنيش الدمام. وصل مع عائلته قادما من البحرين الشقيقة، أمضى نهاره يحكي لي قصته مع رحلات القطار بين الشرقية والرياض، ثم سفره برًّا إلى الأردن، أرخيتُ سمعي لحديثه عن كبائن قطار الأمس، وضجيج الطريق وحركة العجلات. ضحك وتوقف قليلا لمرور تيار الرمال، وقال: كان عمري لا يتجاوز الـ14 مع والدي وجدتي -رحمهما الله- ونقف نصف نهار في الرياض لاختيار سيارة تُقِلُّنا إلى الشمال، ثم إلى الأردن، وتذهب من إجازتك عدة أيام. لكن تغيّرت الأحوال الآن، فجزى الله حكومتكم كل خير على هذا الترفيه، وسرعة قطار «سار» الجديد، وتحديث أسطوله أكثر من مرة.

نركب في الصباح، وعند الغروب نكون في عمّان، ولله الحمد، كانت رحلاتنا في الصيف شاقة. الآن أصبحنا نقضي نهارنا في رحلة برية وترفيه وراحة بال مع أولادنا وبعض العائلات. افتخروا لأنكم في السعودية، وهذه شهادة للتاريخ بتطور منظومة القطارات في السعودية، فأنا من الأردن -أقولها شهادة حق- والمسافة الآن قصيرة والكبائن جميلة، نقضي الوقت بكل هدوء وراحة، في غرف مكيفة، في حديث أبوي عائلي دون المشقة التي كانت قبل ذلك، تأكل وتشرب وتقرأ وتستريح حتى تصل إلى نقطة الشمال عبر هذا القطار الجميل، الذي يُعدّ نزهة بكل معانيها. أصبح الركاب يتنقَّلون خلال «سار» بهدوء وراحة، يحضرون المناسبات في مدن المملكة عبر خط يمتد خلال مدن مكتملة الخدمات، ولله الحمد.

وللمعلومية، ما أشعر به هو شعور كل مواطن ومقيم أتيحت له فرصة استخدام «سار». وفي المقابل أدَّينا مع الأهل عمرة في رمضان، واستخدمنا قطار الحرمين في نزهة روحانية بين مكة والمدينة، كانت كل خدمات الرحلة بمواصفات عالية الجودة، بارك الله لكم في وطنكم.

علمتُ معها أنه أخٌ شقيق من الأردن الشقيق يقيم في البحرين ويتنقل سنويًّا، ولهذا حكى قصته بين الماضي والحاضر.

ما جعلني أورد هذه القصة، هي موافقة مجلس الوزراء برئاسة الملك -حفظه الله- الذي كلَّف الخطوط الحديدية «سار» بتنفيذ مبادرات السكك الحديدية المدرجة والمعتمدة ضمن برنامج تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجستية، التي تتماشى مع رؤية المملكة 2030 لتصبح منصة عالمية للخدمات، وستسهم الشركة السعودية «سار» في تنفيذ المبادرات المعتمدة لتضيف دعما جديدا للقطاع الصناعي، وتوفيرا لفرص العمل وجذبا للاستثمارات إلى المملكة، التي يحرص ولي العهد دائما على منظومة توطين الصناعة فيها بنسبة 50%، حتى تصل إلى عام اكتمال الرؤية 2030.

تهنئة للوطن، وتهنئة لـ«سار» بهذه الثقة الملكية، اعتزازا بشبابها ورجالها، بقيادة رؤسائها التنفيذيين والعاملين في هذا الحقل الواعد، بإذن الله.

كتب الله النجاح لكم أيها العاملون في خدمة وطنكم، وينتظر الجميع مخرجات هذه المبادرة قريبا بإذن الله.