فيما تحولت سياسة الحكومة التركية من رعاية اللاجئين السوريين المكلومين إلى ترحيلهم بين ليلة وضحاها، أكد خبراء سياسيون أن الإجراءات التركية تجاههم شملت قبل ذلك إنهاء الرعاية الصحية المجانية لهم، حيث كانوا ورقة انتهت صلاحياتها للرئيس التركي رجب طيب إردوغان بعد توظيفه لمعاناتهم لتحقيق مكاسب شخصية وانتخابية.

مكاسب سياسية وانتخابية

أكد المحلل السياسي خالد الزعتر لـ "الوطن" أن قضية اللاجئين السوريين انتهت صلاحيتها بالنسبة لإردوغان بعد توظيف معاناتهم لتحقيق مكاسب سياسية وانتخابية، حيث إن المتابع لطريقة تعامل تركيا مع اللاجئين السوريين يجب أن يضعها في سياقها الطبيعي وهي أنها مجرد ورقة مساومة في وجه الاتحاد الأوروبي بالتهديد بين الفينة والأخرى بفتح الحدود أمام المهاجرين السوريين، وبالتالي فإن أنقرة التي دائما ما تسوق نفسها بأنها صمام أمان للدول الأوروبية ترى في ورقة اللاجئين خطوة لتدعيم ما تسعى لتسويقه.

الانقلاب التركي

وقال الزعتر: "إن هذا الانقلاب التركي تجاه اللاجئين السوريين لا يمكن النظر إليه بعيداً عن حالة الانسداد في طريق التفاوض التركي مع الدول الأوروبية للحصول على العضوية الأوروبية، وهو ما أفقد ورقة اللاجئين السوريين أهميتها بالنسبة لتركيا ما جعلها تسعى للتخلص منهم عبر ترحيلهم قسراً".

العداء لكل عربي

وأشار إلى أن إردوغان لا ينظر للقضية السورية من منطلق دعم الشعوب وحقها في تقرير مصيرها والتخفيف من معاناتهم الإنسانية، لأن هذا لا مجال له في قاموس إردوغان الذي يحمل العداء لكل ما هو عربي، بل يعتبرها فرصة لتحقيق التوغل العسكري في الأراضي السورية لمحاربة الأكراد، وترسيخ ملامح الاحتلال التركي في الشمال السوري عبر التعامل مع الملف السوري بعقلية استحضار التراكمات التاريخية والأطماع العثمانية وبخاصة في الشمال السوري الذي بدا واضحا فيه ملامح الاحتلال التركي.

وسعت أنقرة إلى إحداث تغيير في ملامح الحياة العامة حتى أصبحت كأنها مدن تركية، بدءا من قرار المجلس المحلي في مدينة إعزاز بريف حلب الذي أصدر قرارا يمنع فيه التعامل بالهوية السورية واستبدالها بالهوية التركية، وفي الأراضي التي استولت عليها تركيا عقب العملية التي سميت "غصن الزيتون" بدأ الطلاب يتعلمون اللغة التركية، وحتى استبدال إشارات السير العربية بأخرى تركية.

نظام مشابه للملالي

لفت المحلل السياسي خالد الزعتر إلى أن إردوغان الذي يتحدث عن نصرة القضايا الإسلامية، لا يختلف كثيرا عن نظام الملالي في توظيف القضايا الإسلامية لتحقيق مكاسب سياسية وتوسعية، ويمكن القول إن الملف السوري شكل نقطة التقاء جمعت إيران وتركيا وهي "العداء للعرب" لنشر الفوضى والإرهاب في المنطقة.

أهداف توسعية

وأشار إلى أن كل دولة تسعى لتحقيق مصالحها وأهدافها السياسية والتوسعية على حساب الشعب السوري، فبينما تقتل إيران وميليشياتها الشعب السوري، يمارس إردوغان سياسة "القتل البطيء" عبر استخدام اللاجئين السوريين لتحقيق مكاسب سياسية وانتخابية والزج بهم فيما بعد للمصير المجهول وذلك بترحيلهم قسراً.

تاجر الأزمات

بدوره وصف أستاذ الإعلام السياسي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور عبدالله العساف، الرئيس التركي بـ "تاجر الأزمات"، فعلى مدار السنوات الثماني، ومنذ اندلاع الصراع السوري، لم يتوقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، عن المتاجرة بأزمة اللاجئين السوريين الذين فروا من ويلات الحرب إلى الأراضي التركية؛ ظنا منهم أنهم سيجدون وطنا بديلا، خصوصا بعد تصريحاته ووعوده المعسولة بأن تركيا هي الوطن الثاني للمهاجرين.

الحصول على المعونات

أشار العساف إلى أن تركيا كانت من أوائل الدول التي أثارت قضية اللاجئين السوريين، وذلك قبل أن تطأ قدم نازح واحد الأراضي التركية أو أراضي أية دولة أخرى لثلاثة أسباب رئيسية، أولها الحصول على المعونات المالية من الأمم المتحدة لمواجهة نفقات تدفق اللاجئين، والثاني أن تكون أزمة اللاجئين ذريعة للتوغل التركي داخل أراضي سورية، وثالثها وأهمها أنها ملعب إردوغان المفضل لابتزاز أوروبا بخطر اللاجئين.

حملات الملاحقة والتضييق

وقال: "بعد أن استغل هذه الأزمة الإنسانية، وانتهت أغراضه منها قام بعدد من الأعمال التي تساهم بهروب اللاجئين السوريين من نار إردوغان إلى جحيم بشار، مثل ترحيل اللاجئين السوريين إلى الداخل السوري، بحجج مزاحمة التاجر التركي، أو عدم وجود تراخيص، وإجبارهم على الإقامة في المناطق الحدودية، وكذلك عدم السماح بالإقامة لهم بالمدن السورية وحصرهم في المخيمات الحدودية، فضلاً عن إلغاء العلاج المجاني للسوريين في المستشفيات التركية.

أسباب تبني إردوغان اللاجئين السوريين:

- للحصول على المعونات المالية من الأمم المتحدة

- أن تكون أزمة اللاجئين ذريعة للتوغل التركي داخل سورية

- جعل قضية اللاجئين ورقة الابتزاز الرئيسية لإردوغان

- التقرب إلى أوروبا ودفع ورقة الانضمام إلى الاتحاد