قبل مئات السنين جاءت إلى يثرب قبيلتان عربيتان، نزحتا من اليمن بعد انهيار سد مأرب، هما الأوس والخزرج، فاجتمعتا بثلاث قبائل يهودية جاءت هي الأخرى إلى يثرب نازحة من الشمال بعد الغزو الروماني.

وخوفا من المنافسة على السيادة والاقتصاد، وضع اليهود خطة سياسية، حيث تحالفت قبيلتان مع الأوس وقبيلة مع الخزرج، ثم كانت نتيجة المؤامرة 120 عاما من الحروب بين الأوس والخزرج بدأت بيوم سمير وانتهت بيوم بعاث.

أتذكر هذا التاريخ وأنا أتابع عددا من المغردين الإسرائيليين يصبون الزيت على النار بين السعوديين والفلسطينيين في أكثر من مناسبة. وكأنهم يحاولون إعادة التاريخ الدامي.

إن السلام في دول الشرق الأوسط هو المصير الذي يحلم به الجميع، فالشعوب العربية كما إسرائيل تحلم بمستقبل آمن مزدهر لأجيالها. ولكن ما يفعله هؤلاء المغردون لا يخدم السلام أبدأ.

نحن لا نذيع سرا إذا قلنا إن قضية فلسطين كأولوية لدى العرب تراجعت كثيرا وكان من أهم أسباب تراجعها المشروع الإيراني الذي غير ترتيب الأوراق، فأخذت إيران دور العدو التقليدي للعرب بدلا من إسرائيل، حيث امتدت أذرعها لكل البلاد العربية بالتخريب والدمار، ومارست على العرب أنواعا من الاحتلال والعنصرية والمؤامرات، ما جعل إسرائيل تبدو العدو الأخف وطأة على العرب.

بل وخلقت إيران في البلاد العربية حالة من الفقر والخوف واللجوء، وأوجدت فرق الموت ودعمت المتطرفين، ما جعل الشعب الفلسطيني أفضل حالا من شعوب عربية أخرى طالتها اليد الإيرانية الغاشمة.

ومن كل هذا يبدو أن السلام المعلن بين إسرائيل والدول العربية بات مطروحا على الطاولة ولا يحتاج سوى لتوافقات سياسية ترضي جميع الأطراف.

هذا المشهد أصبح واضحا على الخارطة السياسية الحالية، وعليه فإنه جدير بالإسرائيليين الراغبين بإخلاص في السلام، أن يكونوا على قدر المسؤولية، ويكفوا عن لعب أدوار استفزازية من شأنها شحن الشارع العربي ضد كل ما هو يهودي.

إن العالم اليوم يتواصل عبر المنصات الاجتماعية وعبر الفن والثقافة والاقتصاد، وهذه جميعها أدوات متاحة لإيجاد لغة مشتركة عالية تلائم مرحلة السلام.