الحمد لله كثيرا على بلوغ هذا اليوم الأغر، يوم العيد الأكبر، والتهاني موصولة لكل من يسّر الله تعالى له الوقوف على صعيد عرفات الطاهر، ولمن تيسر له صوم يوم عرفة ممن لم يحج، فالكل فاز بالمغفرة، ويستحق التهنئة بسببها، والظن في الخالق سبحانه، لا بد أن يكون حسنا.

قبيل الصعود لمشعر منى بيومين، نظمت الوزارة المعنية، بقدر كبير، بأمور ضيوف الرحمن: وزارة الحج والعمرة، ندوة علمية راقية، واصلت بها ندواتها الموسمية السابقة، وأضافت على نجاحاتها نجاحات جديدة.. ندوة الحج الكبرى، وهذا اسمها، عقدت بجوار البيت الحرام، وكان عنوان دورتها الرابعة والأربعين (الإسلام تعايش وتسامح)، وسارت على أفضل ما يمكن أن تسير عليه الأمور، وشخصيا لم أستغرب نجاحها، لأن الكل يعرف صدق وإخلاص قائد ربان الوزارة معالي الدكتور محمد صالح بن طاهر بنتن، ويعرف دقة نائبه المحترم، ووكلاء وزارته ومستشاريه النشطاء، وكافة العاملين في الوزارة المباركة.

ندوات الحج الكبرى، بدأت بسيطة، قبل 51 سنة، وتحديدا عام 1390، على شكل استضافات ومواعظ للمستضافين، وبعد 7 سنوات، أي في عام 1397، تم تنظيم سيرها، وصارت بإعداد مسبق، وموضوع محدد، غالبه شرعي، يُستكتب العلماء حوله، واستمر الأمر طيلة السنوات الجميلة الماضية، حتى وصلت إلى العام الحالي الذي شعر فيه من تابعها أنها صارت ندوة شرعية، بالمعنى الجميل للشرع، وأقصد تناولها للأحكام العملية التي تنظم علاقة الإنسان بأخيه الإنسان.

ندوة الحج الكبرى لهذا الموسم ضمت نخبة من علماء ومفكري الأمة، في جو علمي وروحي جميل، تدارسوا قضية التعايش والتسامح بواقعية وبصيرة، ومعرفة وعلم ووعي، وشدتني جدا محاور الجلسات العلمية، وأخص بالذكر الجلستين المتعلقتين بموضوع (الإنسانية في العصر الرقمي)، وموضوع (أبواب الهداية للإسلام)، ولفت نظري تخصصات ووظائف ومهام المشاركين فيهما، فجميل جدا أن يتم الاستماع إلى خبراء في التقنية، وإلى رياضيين، وإلى فنانين لهم تاريخهم الطويل، وشهرتهم الكبيرة، كلهم جَمَعهم همّ العيش المشترك، والتواصي بالصبر، وبالمرحمة، وبالحق.

نجاح ندوة الحج الكبرى، وظهور توصياتها المختصرة الدقيقة يعطي المشاركين والمتابعين أملا كبيرا في أن تكون الندوة القادمة على مستوى التجديد الذي تم في الندوة الحالية، وأن اللجنة العليا للندوة، واللجنة الإعلامية، واللجنة التنفيذية، ولجنة الخدمات اللوجستية لن تركن على النجاح الذي حصل، وأنها ستقوم (وبمجرد مغادرة آخر ضيف من ضيوف الندوة)، بدراسة شروط ومواصفات الندوة القادمة، وأرشفة وتوثيق ونشر الدورات السابقة، بما يضمن تكاملية العمل، وبما يواكب جهود وزارة الحج والعمرة، التي أثبتت نجاحها في القيام بأكمل وجه على تحقيق رسالة الإسلام العالمية، وعكس الصورة المشرقة والحضارية للمملكة في خدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن، وجعل رحلة الحج والعمرة والزيارة مقننة وسهلة وميسرة، وذات ذكرى مميزة ورائعة عند الحاج والمعتمر والزائر.