أوصى مؤتمر الحج السنوي لرابطة العالم الإسلامي بمد جسور التواصل والحوار الحضاري الذي يحترم الإنسان وجودا وتاريخا وثقافة دون تمييز، ويبين أن الحضارة الإسلامية حضارة جامعة شاملة متكاملة، تجمع بين الروائع المادية والمعاني الإيمانية والممارسات الأخلاقية.

وحث المشاركون في المؤتمر كافة المسلمين على إثراء الحضارة الإنسانية بتجربة فريدة من الإسهامات الحضارية التي تحتاجها البشرية في حل أزماتها الأخلاقية والمجتمعية والبيئية، لتعود إلى التجديد الحضاري وتحقق السمو الأخلاقي، موضحا أن مظاهر الانفلات والفوضى المنتجة للقسوة والتشدد التي وقعت من شذاذ الأفكار من المسلمين لا تُعبِّـر عن تراث الأمة الإسلامية الأصيل، وتاريخها الحضاري المجيد، الذي أهَّلها لريادة الحضارة الإنسانية قرونا متعاقبة.

وأكد المؤتمرون على أهمية تطوير خطاب إسلامي يتسم بالوسطية والتوازن في محاكماته، ويتحرى الصدق والحقيقة في مادته، ويراعي الجمالية في روحه وأسلوبه، ويترفع عن التجريح والحدة في تناولاته، ويحافظ على الارتقاء بالجميع وعيا وسلوكا في أهدافه ورسالته.

وسائل التواصل الحديث

أوصى المشاركون بتسخير كل وسائل التواصل الاجتماعي لبيان مساعي الحضارة الإسلامية في بناء العلاقات الصادقة مع الآخرين، المبنية على الاعتراف والاحترام المتبادل في إطار التكامل الحضاري، وتوظيف التقنية الحديثة في تعظيم الاستفادة من تراثنا الحضاري لخدمة الإنسان المعاصر، وتهيئته لعمارة الكون وفق المنهج الإيماني القائم على تحقيق التوازن بين الروح والمادة.

ودعا المشاركون في مؤتمر الحج السنوي إلى التعريف بمنجزات الحضارة الإسلامية ومرتكزاتها وتأثيرها الإيجابي على الصعيد الإنساني، وصياغة برامج تربوية وتعليمية حول إبداعات الحضارة الإسلامية التي تفاعلت مع الحضارات الإنسانية الأخرى لتصنع حضارة الإنسان المعاصر.

ودعا المؤتمر الجامعات والمحاضن العلمية والتربوية إلى التنسيق والتعاون في إصدار موسوعة علمية عن الحضارة الإسلامية تكون كالذاكرة الجماعية للمنجز الحضاري الإسلامي، مشيدين بجهود رابطة العالم الإسلامي في رعاية المعاني الحضارية الإسلامية، وإقامة معالمها المادية والمعنوية في أرجاء العالم.

ورفع المشاركون شكرهم لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ولولي عـهـده الأميـن، على ما يبذلانه من جهود في خدمة الأمة الإسلامية وقضاياها، وعنايتهما الفائقة بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، ومبادراتهم المتميزة والمتكاملة لخدمة حُجاج بيت الله الحرام لأداء نُسكهم في أجواء عامرة بالأمن والإيمان والسكينة والاطمئنان.

مقومات الحضارة الإسلامية

أكد المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء رئيس المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، أن الحضارة الإسلامية قامت على مرتكزات ومقومات أهّلَتها لقيادة العالم نحو إسعاد الإنسان، وتحقيق استقراره، وضمان حقوقه، ورعاية قيمه النبيلة في ظل تعاليم الإسلام السمحة.

وبين أن الحضارة الإسلامية تميزت بسيرها على منهج الوسطية والاعتدال، لا إفراط فيه ولا تفريط، ولا ظلم فيه ولا إجحاف، حضارة متوازنة استطاعت أن توفق بين الجانب الروحي والمادي للإنسان.

وأشاد بجهود رابطة العالم الإسلامي في خدمة الشعوب الإسلامية، وتحقيق تطلعاتهم من خلال المناشط والمبادرات التي تُقدّمها في المناسبات المختلفة.

إبراز سماحة الإسلام

شدد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، في كلمته الافتتاحية، على أهمية إبراز المعاني الحضارية في الإسلام، عقيدة وأحكاما وسلوكا وإنجازا، وبيان التطبيقات الحضارية للأمة عبر تاريخها المجيد وواقعها المعاصر ومستقبلها المنشود.

وبين أن الأصالة والمعاصرة هما سمتا الحضارة الإسلامية التي تحلق بهما في أفق الإصلاح والإبداع والتميز والشهود الحضاري، ومصداق ذلك شاهد في السلوك الإسلامي الماثل، وليس مجرد تنظير، أو استدعاء للنصوص والآثار ووقائع السيرة العطرة وأحداث التاريخ الإسلامي المشرق، مشيرا إلى أن المسلم الحق سفير للإسلام وأنموذج لقيمه ومبادئه.