قضيت جزءا من إجازتي السنوية في أوروبا، وتحديدا في النمسا، وذلك بعد إغراءات العروض التي استقبلتها. إغراءات بالصور للطبيعة، وتخفيضات مميزة في التكلفة المالية، كل ذلك حفّزني لأذهب هناك، حيث جنة الله في أرضه، صُنعَ الله ومَنْ أحسن من الله صنعا.

لما وصلت فوجئت وكأنني في بلاد عربية، فالعرب -خاصة الخليجيين- اكتظت بهم شوارع فيينا، حينها عرفت أن السياحة صناعة مبنية على أسس علمية، تسهم في استقطاب الأموال من كل مكان. فهذه الدول استغلّت طبيعتها وأنهارها، فسخّرتها للسياحة، رغم أن الأماكن التراثية، قصور حديثة في عمرها الزمني، لو قارنّاها ببلادنا مثلا، لكن الدعاية لها أثر.

ومن فضولي، سألت المرشد السياحي: كيف استقطبتم العرب؟

فقال، هذه سياسة شركات السياحة هنا، وقت الصيف تستقطب العرب، وفي الشتاء الروس والأوروبيين. فالسياحة مستمرة صيفا وشتاء.

فتمنيت أن تستفيد سياحتنا من خبرات الآخرين، وممن سبقونا في هذا المجال، لنرتقي بسياحتنا الداخلية. ففي موطني تنوع تضاريسي ومناخي، وحضارة وتاريخ.

وأنا أحدث النفس بالتمني، أتت الحقيقة في مشروع البحر الأحمر السياحي، فسعدت واستبشرت، فالحلم تحول إلى حقيقة على أرض الواقع، ومن فرحتي أخذت أشرح لمن أقابلهم من السعودين عن منطقة المشروع، فصدمت أن جُلّهم لا يعرفها، لكنه يعرف المدن السياحية حول العالم، فتأكدت وأيقنت أن السياحة صناعة.

وطننا فيه كثير من الأماكن التي تحتاج بنيةً تحتية ودعاية، لتصل إلى السياح في كل مكان من العالم. السياحة في وطني متنوعة، فمثلا في المنطقة الشمالية الغربية، توجد أماكن سياحية جميلة في أرضها وحضارتها ومناخها، محافظات أملج والعيص والوجه والعلا وخيبر وتيماء وضباء وحقل والبدع ونيوم، وتبوك فيها من القصور الحضارية والأماكن الطبيعية، لو اُستُغلت سياحيا لأصبحنا في أوائل الدول السياحية، ولاستقطبنا السياح في العالم، ولزاد الدخل، وهذا ما تسعى إليه دولتنا فعلا، خلال رؤية 2030. فمثلا، مشروع الحلم السياحي والصناعي في البحر الأحمر، والهيئة الملكية السياحية في محافظة العلاء، سينقلان السياحة الداخلية إلى العالمية.

في سبتمبر من كل عام يعتدل الجو، وتستقبل المنطقة الشمالية الغربية الطيور التي تهاجر من البرودة بحثا عن الدفء في بلادنا، فلماذا لا نستغل هذه الأشهر المعتدلة ونستقطب البشر من المناطق الباردة إلى هذه المناطق؟ حيث الطبيعة الخلابة.

ونستغل الطبيعة سياحيا، فمثلا ننظم مسابقة عالمية في التزلج على الرمال، ففي مدن منطقة تبوك كثبان رملية ثابتة تشبه طبيعة ثلج أماكن التزلج في أوروبا، أو مسابقة عالمية في تسلق الجبال.

هذه أفكار جاهزة للتطبيق، فما المانع من تنظيمها بعد تجهيز البنية التحتية؟ فالأماكن الطبيعية السياحية ما زالت بِكرا، ولم تُستغل سياحيا.

فهل نسارع في استثمار السياحة وتوطين الأموال المهاجرة، وجلب الأموال السياحة الخارجية، نسابق الزمن قبل أن يسبقنا، ونفعل كما فعل كثير من الدول، وصنعت لها اسما في عالم السياحة العالمية، رغم بدائية تلك الدول.