كانت قضية «الاختلاط» إحدى أهم القضايا التي شغلت الرأي العام، وأثرت سلبا في عمل المرأة، كان لا يمر يوم تقريباً دون وجود خبر مزعج عن قضايا اختلاط أو تلك التهمة الطائرة «خلوة غير شرعية»، وبالتالي تصدر من جراء تلك الأخبار أحكام سجن أو جلد. التهمة الطائرة تلك يمكن أن توجه لأي سبب لأي تواجد بين الجنسين في مكان عام وتحت أنظار الجميع.

لقد كان بفضل الله وتوفيقه للملك المصلح عبدالله بن عبدالعزيز أن أعدنا النظر في موضوع الاختلاط والموقف الشرعي منه، والحمد لله أن أزال عن فكرنا الغمة، وأزال الالتباس الذي سببه القول بسد الذرائع وعادات من عصور التخلف وتقاليد أعجمية، فتوالت فتاوى من كبار علماء الأقطار الإسلامية بجواز العمل المشترك بين الجنسين وتواجدهما في مكان واحد، وأن المحرم شرعاً هو «الخلوة» والانفراد بقصد غرائزي جنسي أوضح شروطها الفقهاء، ثم كان لحديث وزير العدل الشيخ الدكتور محمد العيسى وهو الفقيه المؤهل علميا الذي وضح ووثق مشروعية الاختلاط بين الجنسين في نواحي الحياة جميعها عملا ودراسة وأنشطة اجتماعية، وتلا ذلك حديث مطول ومفصل للشيخ الدكتور أحمد بن قاسم الغامدي رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكة المكرمة، فأزال كل لبس ووضح جوانب الموضوع من الكتاب والسنة، وهكذا أيضا عديد من أساتذة العلوم الشرعية في جامعاتنا مما لا يترك مجالا للمحاكمة والإنكار. إنني أهيب وأقترح على وزارة الدعوة والإرشاد وعلى رأسها فقيه متخصص أن يجمع هذه الأقوال الرشيدة الحاسمة في مطبوعة توزع على الدعاة وأئمة المساجد وطلبة العلم. كما هو واجب مطلوب من جماعات حقوق الإنسان أن تكون من ضمن منشوراتهم والالتزام بها في عملهم وأنشطتهم، وفي الحقيقة لم يعد مقبولا أي تقاعس حيال ذلك أو إنفاذه.

* 2009