منذ عام 1416 والمعلم ما زال يتلقى السهام المحبطة الواحد تلو الآخر، وهذه العبارة ليست مجرد كلام إنشائي، بل سأثبتها من خلال العرض الآتي:

1) تعيينهم على بند 105، مما تسبب في ضياع كثير من الخدمات، والدرجات المستحقة، وخاصة المعلمات.

2) تعيينهم على مستويات أقل مما يستحقون، ورغم التحسين الذي حصل فيما بعد، إلا أنهم فقدوا كثيرا من الدرجات بسبب المادة (18أ).

3) عندما تمت التعديلات في السلالم الوظيفية عام 1432، تم تخفيض بدلهم من 30 % إلى أقل من 20 %.

4) في عام 1435 تم إلغاء حقهم في الجمع بين مكافأتين، وهي الميزة التي منحت لهم خاصة من قبل الملك فيصل رحمه الله، صاحب المقولة الشهيرة «لو لم أكن ملكا، لتمنيت أن أكون معلما».

5) تم تقليص إجازاتهم العادية والاضطرارية.

6) تم سحب كثير من صلاحياتهم، في ظل تحصين الطلاب بكثير من الأنظمة، التي شجعتهم في التمرد على معلميهم.

7) كثرة الاعتداءات عليهم، وعلى مركباتهم، ولم يصدر أي قرار حازم لإيقافها، على الرغم من أنها وصلت لحد الطعن والقتل.

8) تجاهل مطالباتهم، وعدم الرد على مقالاتهم، سواء بالاستجابة، أو الرفض.

ما دعاني لسرد هذا الاستعراض هو انتقاد البعض للمعلمين من كثرة التضجر من اللائحة التعليمية الجديدة، وهم لا يعلمون كثيرا من الخفايا، والأمور التي تعرضوا لها في العقدين الأخيرين، وكما يقول المثل الشعبي «ما يحس بالنار إلا رجل واطيها».

فالمعلمون كانوا ينظرون لهذه اللائحة المرتقبة بشيء من التفاؤل، نظرا للتصريحات المطمئنة التي سبقتها، وخاصة من وزير التعليم السابق، الذي ذكر في لقاء تلفزيوني أن ولي العهد وجه بعدم المساس برواتب المعلمين، ولكن للأسف أنها كانت صادمة لهم، وعلى خلاف ما توقعوه، فبدل أن تعوضهم عن كثير من الحقوق التي سبق وأن ضاعت عليهم، بسبب تعيينهم على مستويات أقل مما يستحقون، مما ترتب عليه ضياع كثير من الدرجات المستحقة، أو بسبب قضية البند 105، التي بسببها ضاع عليهم كثير من الخدمات والدرجات، والتي سبق أن صدر بصددها توصيتان من مجلس الشورى، إلا أنها زادت ألمهم ألما، باستهداف علاواتهم، وبدلهم الذي يعتبر الميزة الوحيدة التي بقيت لهم.

نحن لا ننكر أن هذه اللائحة الجديدة حفلت ببعض الإيجابيات، لكنها اشتملت على كثير من الأمور التي خلقت نوعا من الإحباط لدى المعلم، سواء من الناحية المادية، أو المعنوية وهي الأهم. وكل إنسان منصف يدرك أن المعلم لا يمكن أن يعطي كل ما لديه مهما حاول، ما لم يشعر بالارتياح النفسي، والأمان الوظيفي، الذي يولد لديه صفاء الذهن، وخلوه من التشتت من جراء المتطلبات الكثيرة التي تطلب منه.

أما السلبيات التي تضمنتها هذه اللائحة الجديدة، فقد قامت وزارة التعليم مشكورة، بمخاطبة الإدارات التعليمية برفع مرئياتهم، وملاحظاتهم حول هذه اللائحة، والحلول المقترحة، ومن خلال اطلاعي على بعضها أرى أنهم قد أفادوا وأجادوا، ويبقى الدور الأكبر الآن على وزارة التعليم لأخذها بعين الاعتبار، لأنها نابعة ممن هم في الميدان، ويعرفون خفاياه ودهاليزه.

أنا متأكد أن الجميع يسعى لتطوير المعلم والتعليم، ولكن ربما أن المسؤولين ينظرون من زاوية غير التي ينظر منها أصحاب الميدان، فإذا اجتمعت الأفكار تلاقحت وأنتجت، وإن شاء الله تثمر هذه الملاحظات والاقتراحات عن لائحة جديدة تنال رضا الجميع.