انطلقت مساء أول من أمس فعاليات البرنامج الثقافي لسوق عكاظ، الذي تنظمه جامعة الطائف في ساحة الثقافة واللغة بمقر السوق، بندوة عن «أبو العلاء المعري: فيلسوف الشعر.. وشاعر الفلاسفة»، بمشاركة كل من الدكتور نبيل الحيدري، والدكتورة كاميليا عبدالفتاح، والدكتور عبدالله إبراهيم الزهراني، والدكتورة بسمة عروس.

وتلت الجلسة الأولى أمسية شعرية شارك فيها خمسة شعراء وشاعرات، من بينهم الفائز بلقب شاعر عكاظ محمد إبراهيم يعقوب.

الفيلسوف الحكيم

بدأت الندوة الأولى التي أدارها الدكتور طلال الثقفي، بورقة قدمها الدكتور نبيل الحيدري عن التسامح عند أبي العلاء المعري، مشيرا إلى أن المعري عرف بشدة ذكائه وفرط ذاكرته وتوقّد خواطره، ونظم الشعر وهو في سن 11 عاما، كما درس الأدب والتاريخ والفقه والأديان الإبراهيمية الثلاث والمجوسية والهندية والمذاهب المختلفة، وصاغها في أدبه وشعره ورسائله وأفكاره.

وأشار إلى أن المعري عُدَّ فيلسوفا حكيما مفكرا ناقدا مجددا.

انعكاسات الشاعر

تناولت الدكتورة كاميليا عبدالفتاح، في ورقتها «درعيات» أبي العلاء المعري، تقول إن الدرع هي الأسطورة التي استطاع المعري أن يخلقها، وأن يبني من خلالها معادلا فنيا لذاته لحياته، بكل ما تتصف به هذه الذات وهذه الحياة من خصوصية، وتعد الدكتورة عبدالفتاح «الدرعيات» عالما فنيا قائما بذاته، و«أسطورة الشاعر» التي استطاع نحتها من تجربته الحياتية المميزة، ومن رؤيته الفكرية المتفردة للوجود الإنساني، بما يظهر شخصانية أبي العلاء المعري المبدعة.

وتقول إنها تخالف، بدراسة غير مسبوقة، رأي عميد الشعر العربي طه حسين حول «الدرعيات»، فهو لم ير فيها إلا حرصا من أبي العلاء المعري على وصف الدرع، وأنه قادر على الوصف على رغم فقدانه البصر، بينما ترى أنها تجاوزت ذلك لتصبح «أسطورة» خلقها المعري فنيا، من أجل التدرع والتصدي للمجتمع وعوامل الاغتراب التي عاشها نتيجة كف البصر وعوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية، فضلا عن عزلته الفكرية، وعدم قدرة الكثير من معاصريه على فهمه واتهامهم له بالزندقة، ورأى بالدرع وقاية ونجاة وعالما كفيلا باحتواء فكره الجديد، وكأنه أصبح في «مونولج داخلي» من خلال «الدرعيات».

وخلصت إلى أن التزام المعري في القافية وحروف الروي بما لا يلزم يعد صورة فنية منسجمة مع حياته وتشبهها، والتزامه بالمهجور الوحشي من اللغة، يعد نوعا من الانعكاس أو الإسقاط على ذاته، ونوعا من أنوع الانسجام مع حياته، التي يعيش فيها مع المهجور الوحشي، وكأنه هو نفسه يعيش كوحش حيوان في عزلة وشرنقة.

رسالة غفران

تناول الدكتور عبدالله بن إبراهيم الزهراني، أبي العلاء المعري من خلال كتابه (رسالة الغفران)، ويقول إن من قرأها وجد فيها الخيال البعيد، والأدب الجم الخصب، وفيها غذاء للعقل والقلب، ويضيف: "وإن مما يلفت النظر تصنيف أبي العلاء لشعرائه وكتابه بل وتناوله الجن وبعض الحيوانات، والذي يهمني فلسفته في تصنيف الشعراء".

تقارب تاريخي

تطرقت الدكتورة بسمة عروس، إلى «أبو العلاء المعري بين الفكر والوجدان»، وبدأت حديثها من عنوان الندوة «أبو العلاء المعري: فيلسوف الشعراء.. وشاعر الفلاسفة»، وقالت: «فيلسوف الشعراء، من الناحية المنهجية والابستمولوجية يعد هذا الطرح سليما، وذلك للعلاقة بين الشعر والفلسفة، والأمر الآخر هو رأي طه حسين في كتابه وتجديد ذكرى أبي العلاء المعري، الذي مفاده أن أبا العلاء أحدث في الشعر نوعا جديدا هو الشعر الفلسفي، وقد تجلى في اللزوميات وهو شعر، في رأي عميد الشعر العربي، يشرح الحقائق الفلسفية.

وأضافت قائلة :"الأهم من هذا كله هو ما نسميه بالتقارب الأساسي بين الشعر والفلسفة، وهو تقارب تاريخي ومعرفي لأن الشعر عد سؤالا فلسفيا من البدايات، منذ الخطوات الأولى لتشكل الفكر".

الليلة الأولى

اختتمت الليلة الأولى من فعاليات البرنامج الثقافي لسوق عكاظ، بأمسية شعرية، شارك فيها شاعر عكاظ محمد إبراهيم يعقوب، وتهاني الصبيحة، وراشد القثامي، إلى جانب الحبيب الأسود من تونس، وإبراهيم الرواحي من سلطنة عمان، وأدارتها الدكتورة مستورة العرابي.

وتناولت القصائد التي توالى الشعراء المشاركون في الأمسية على إلقائها موضوعات إنسانية ووجدانية متنوعة، تناولت الوطن والأم والمعلم والحبيب والمدنية.