من الضروري في مجتمعاتنا العربية والإسلامية تفعيل دور المواطن، فهو اللبنة الأولى في كيان الوطن والعامل الفعّال في النهوض فبصلاحه تصلح أموره، وعليه يجب أن تقوم الدولة على كل ما من شأنه إعداده بشكل يفي بالدور الهام الذي يجب أن يقوم به تجاه وطنه وعلو شأنه، وفي اعتقادي أن من أهم الوسائل لتحقيق ذلك الثقافة بكل اتجاهاتها ودورها الإيجابي والفعّال الذي تقدمه من فكر مستنير لإحياء مسيرة التقدم والنهضة في المجالات والميادين كافة، وكل ما يشغل الوطن ويسعى إلى تحقيقه، فالثقافة أهم ما يبدأ به الوطن خاصة لدحر ما يتفشى من ظواهر إرهابية وتطرف فكري يستخدمها بعض المرتزقة للتكسب واستمالة قاصري الفكر من الشباب وإغوائهم بالأفكار الضالة وزرعهم في أوطانهم واستغلالهم لتنفيذ مخططاتهم الشيطانية.

إن دور الثقافة هنا تأكيد وغرس المواطنة الحقيقية لدى المواطن، فعلينا فتح الأبواب على مصراعيها للتفاعل مع الثقافات والأفكار الجيدة التي لها مردودها الإيجابي أولاً لتغيير مجموعة الصور السلبية عن أوطاننا، بل وعن الأمة، وثانياً تمكين المواطن من الاطلاع لتنميته فكريا وثقافيا ورفع مستوى الوعي الجمعي، كما يجب الاهتمام خاصة بالشباب وتفعيل دورهم في المشاركة طالما هذه التطلعات والأفكار تنبع وتنطلق من أرضية وطنية تسعى إلى دعم أهداف وخطط الدولة وتقديم الرأي والمشورة لمؤسسات صنع القرار. إلى جانب العنصر الثقافي لابد أن ينهل المواطن من الفنون الأخرى، فهناك المسرح والسينما والترفيه والتثقيف إلى جانب الفنون التشكيلية من رسم ونحت، ولا ننسى الرياضة فالعقل السليم في الجسم السليم.

إن المرحلة القادمة تتطلب توازناً دقيقاً في كافة الاختيارات لتسليح المواطن بالوعي لمواجهة جميع التحديات، في ظل هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها الوطن العربي من صراعات وفتن لم يعهدها، ليكون لدى المواطن العربي الوعي الكامل والقدرة الكافية على الصمود أمام مظاهر الفرقة ونبذ محاولات التحريض على التطرف والتشرذم والانقسام.