كشف المحامي علي الملحم لـ»الوطن» أن هناك عقوبتين تلاحقان المعتدين على الشاب في أحد المراكز التجاري بمدينة جدة والتي تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي، حيث ظهر خلال فيديو قيام عدد من الشباب بالاعتداء على شاب أمام أسرته وسط رعب ودهشة رواد المجمع التجاري، إذ ستكون هناك عقوبة على جزأين، الأول، حق عام. والثاني، حق خاص، وبالنسبة للحق العام في هذا الأمر فسيدخل في حدود الحرابة. والحق الخاص، سيكون فيه عقوبة تعزيرية (التعزير يبدأ بالعفو وينتهي بالقصاص)، ويتم فيه التكفل بعلاج المصاب إذا دخل المستشفى أو ترتب على الضرر الذي لحق به خسارته وظيفته مثلا أو خسر مبالغ مالية، فهذه الأمور يتكفل بها المعتدون.

حمل السلاح

أكد الملحم أنه لو كان المعتدون مكلفين وأعمارهم فوق الخامسة عشرة، لأنه حسب القانون هو سن البلوغ وحد الرشد، فستطالهم العقوبات، مشيرا إلى أن هذا التصرف الذي قام به المعتدون يعتبر من «الافتئات على ولي الأمر» حمل السلاح، والتجاوز على سلطات الولي، وهذه الجريمة تصل عقوبتها لحد الحرابة إذا قام الشخص بحمل السلاح وإثارة الفساد في الأرض.

حتى وإن كان لديهم حق عند المعتدى عليه، فقد قاموا بأخذ حقهم بأيديهم دون الرجوع للجهات المختصة وهذا من التعدي على القانون.

من جهته، أوضح المتحدث الإعلامي لشرطة منطقة مكة المكرمة الرائد محمد الغامدي، أنهُ وبالإشارة إلى مقطع الفيديو المتداوَل عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم «السلام مول»، فقد باشرت دوريات الأمن بمحافظة جدة بلاغا، مساء أمس الأربعاء الموافق 1440/12/27هـ، عن حدوث مشاجرة جماعية بسوق السلام مول بين مجموعة من المواطنين، إثر مشادة كلامية فيما بينهم، مما أدى لتعرُّض أحدهم لإصابة، حيث جرى نقله للمستشفى وتلقى العلاج اللازم وغادر في حينه. وأنه جرى إيقاف المتورطين بالمشاجرة وعددهم ثمانية تتراوح أعمارهم بين العقدين الثاني والثالث، واتخاذ الإجراءات النظامية كافة بحقهم.

أمن الأشخاص

قامت «الوطن» بالتواصل مع أحد رجال الأمن في المركز التجاري الذي وقع فيه الحادث لمعرفة إمكانيات رجال الأمن الموجودين بداخل السوق في كيفية التعامل مع المشاجرات التي قد تحدث من قبل رواد المجمع، وهل لديهم تأهيل سابق في هذا المجال للحفاظ على سلامة المتشاجرين؟ أكد «ن،م» أن الشركة المتخصصة في الحفاظ على أمن السوق الذي وقع فيه الحادث تضم عناصر من رجال الأمن، وكذلك من الإناث «السكورتيين» الذين يتم تأهيلهم واختيارهم بدقة قبل تعيينهم أفراد أمن داخل المراكز التجارية والشركة التي تشرف عليهم قامت بإعطائهم تعليمات يتم من خلالها الحفاظ على أمن الأشخاص أثناء المشاجرات إذا وقعت، كذلك أمن رواد المجمع التجاري، وهناك عند كل بوابة يتم التفتيش على الزوار عن طريق أجهزة تم وضعها متخصصة في الكشف عن أي ممنوعات ويتم ضبطها، وفيما يخص المشاجرة التي وقعت باعتداء عدة شبان على شاب مع أسرته بعد الإبلاغ عن الأمر، تم التعامل مع الوضع وإبلاغ الهلال الأحمر لنقل المصاب وإبلاغ الجهات الأمنية التي بدورها تعاملت مع الواقعة.

الأسباب الممكنة

أوضح الاستشاري في علم الجريمة الدكتور حميد الشايجي لـ»الوطن» بعد مشاهدة الفيديو المتداول عن اعتداء مجموعة شباب ليلة البارحة على شاب في منطقة المطاعم وهو مع أسرته، حيث تم سحب الشاب أمام المارة وأمام رجال الأمن (السكيوريتين)، وضربه دون أن يتم دخول أحد لفض الاشتباك إلى أن سقط صريعا على الأرض دون حراك ودمه ينزف. ذاكرا أن هناك عدة نقاط حول هذه الحادثة منها: كيف وصلت الجرأة لدى الشباب للدخول إلى الأماكن العامة وأمام الناس لتصفية حسابات سابقة بينهم، دون اللامبالاة بالآخرين إلى جانب استمرار الشباب بالعنف والقتل والاستهانة بالنفس البشرية لهذه الدرجة، وتبلد الإحساس عند الحضور ولم يتدخل أحد لإنقاذه، حيث غابت ثقافة «الفزعة» لدى المجتمع لفض الاشتباك وتهدئة المتشاجرين، إلى جانب ذلك نجد في الفيديو ضعف حيلة رجل الأمن الخاص (السكيورتي). هل هو بسبب ضعف التأهيل والتدريب، أم بسبب قلة الرواتب والحوافز، ولذلك لم يتدخل؟ وانتزاع هيبة رجل الأمن الخاص (السكيورتي) من نفوس الشباب، عكس هيبتهم من رجل الشرطة. كذلك هل الاستعاضة بشركات الأمن (غير المؤهلة) سبب في استمراء بعض الشباب لاستخدام العنف المفرط في التعامل مع الآخرين، وهل هناك ضعف في مؤسسات الضبط الاجتماعي الرسمية وغير الرسمية فأدى إلى انتشار مثل هذه السلوكيات العنيفة؟ مشيرا إلى أن مشكلة العنف خصوصا بين الشباب في تفاقم وازدياد وأصبح الاعتماد على الذات في حل المشاكل مع الآخرين سمة دارجة لدى بعض الشباب خصوصا مع توفر السلاح (سواء الأبيض أو الناري) وتعاطي المخدرات من جانب آخر فقد تكون هذه عوامل مساعدة على استخدام العنف. إن مجتمعنا مقبل على تحولات كثيره منها الإيجابي ومنها السلبي، فيجب أن نستعد ونتأهل لمواجهة التغيرات السلبية، ومحاولة الحد منها بالطرق المبنية على أسس علمية.