في أي منظمة إدارية في العالم توجد علاقات غير رسمية تجمع بعض الأفراد داخل المنظمة، وتبنى هذه العلاقات على المصالح أو التوجهات الفكرية.. هؤلاء في الغالب يشكلون لوبي عميقا متجذرا، وتزداد قوتهم ونفوذهم كلما انضم لهم أصحاب الصلاحيات والمناصب المؤثرة.

وعادة يعاني أي وزير جديد من هذه اللوبيات العميقة التي تعمل على التفاصيل الصغيرة لتعرقل أي تغيير.

ومن جهة أخرى فلديهم معلومات دقيقة حول دهاليز الوزارة وتاريخها، مما يمنحهم أفضلية التعامل مع المستجدات والمهام وفقا لرؤيتهم.

إلا أنه ليس بالضرورة أن هؤلاء يعملون بطرق غير قانونية، ولكنهم مع الوقت وتعاقب القيادات عليهم، يتوصلون إلى منطقة راحة بحيث لا تمس مصالحهم ولا يتراجع تأثيرهم في المشهد.

وعلى سبيل المثال فقد اختبر الدكتور غازي القصيبي هذه المرحلة وتحدث عنها، واعتقد جازما أن كل وزير جديد يواجهها في وزارته.

لكن خطورة هذه اللوبيات العميقة في الوزارات والمؤسسات لا تكمن فقط في كونها تشكل سياسات عمل خاصة، بل هي أيضا تعمل على إفشال أي حراك للتطوير والتجديد، وتقاوم الدماء الشابة والرؤى المختلفة، وهذا ما يفسر تباطؤ التغيير في بعض الوزارات، خاصة تلك التي تسيطر عليها البيروقراطية والمركزية.

وإن كانت النصائح الذهبية تكاد تنعدم في مثل هذه الحالات، إلا أن بعض التكتيكات قد تكون ناجحة، خاصة إن كان الوزير الجديد متنوع الخبرات.

ومن أنجع الحلول هنا هو التغيير والتدوير في المناصب والصلاحيات، فوجود الشخص في منصب واحد لسنوات يستنفذ طاقته وأفكاره وقدرته على التجديد، كما أنه يصبح شرسا في مقاومة التغيير، ويحول العمل إلى نمط واحد يكرر نفسه.

كما أنه من المفيد للوزير الجديد أن يعمل على فهم العلاقات بين فريق عمله، وتأثير هذه العلاقات على العمل، وأن يضع آلية بسيطة التنفيذ للتعامل مع حالة التغيير وما يليه من واقع قد لا يكون مؤيدا له.

وأخيرا فالقراءات الواسعة في تجارب الإدارة والقيادة وطرق التأثير في بيئات العمل سيكون لها أبلغ الأثر في رسم ممرات آمنة وسريعة لمعالجة أثر التكتلات العميقة.