أكتب هذا المقال بعد يوم من نشر خبر تعيين الدكتورة إبتسام المثّال (المتخصصة في علم الطفيليات التابع لكلية العلوم) على رأس عمادة الموارد البشرية في جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل. وبما أن القيادة الأكاديمية في جامعاتنا محتكرة وبشكل مطلق للأكاديميين، رغم الاختصاصات البعيدة جدا لبعضهم عن القيادة والإدارة، ورغم رفضي لهذا الأمر، والذي كتبت عنه سابقا، إلا أنه ومن باب التمشي مع سياسة واقع الحال، فإنني أتوجه بهذا المقال إلى شبابنا الأكاديميين الذين يرغبون في صناعة عمل إداري جامعي متميز.

قرأت كتاب (محطات في حياتي مع الإدارة) للأميرة الدكتورة الجوهرة بنت فهد آل سعود. تحدثت فيه بشكل سريع عن رحلتها العلمية حتى حصولها على الدكتوراه خلال مراحل التأسيس للتعليم النسائي في المملكة. ومن ثم أسهبت بالحديث عن محطات عملها الإداري في مسيرتها العملية في مؤسسات التعليم العالي.

بدأت محطتها الأولى كعميدة لكلية التربية للبنات في الرياض التابعة للرئاسة العامة لتعليم البنات سابقا، وتحدثت فيه عن التحديات التأسيسية التي واجهتها في تلك الفترة، وطريقة تغلّبها عليها. ثم انتقلت للمحطة الثانية، وهي رحلتها كوكيلة مساعدة للشؤون التعليمية في وكالة كليات البنات التابعة أيضا للرئاسة العامة لتعليم البنات سابقا، وتحدثت فيها عن الصعوبات التي واجهتها كأول امرأة تعمل على هذه الوظيفة القيادية. ثم تحدثت وبفخر يملؤها (كان واضحا لي كقارئ) عن محطتها الأخيرة كمديرة لجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، وتكلمت فيها عن قصة النشأة، وعن عظمة هذه المنشأة التعليمية الفاخرة.

الحقيقة أن الكتاب مملوء بدروس قيادية مذهلة، استفدت أنا شخصيا منها بشكل كبير. وأستطيع أن أقول، إنني لو ما استفدت منه سوى الاطلاع على فكرتها في وضعها لدفتر محاسبي يومي (مثل دفاتر المحاسبين) تسجل فيه يوميا على الصفحة اليمنى (دائن/‏ إنجازات)، وعلى اليسرى (مدين/‏ أخطاء)، ولو ما استفدت منه إلا معرفتي بشروطها الأساسية التي أجبرت العميدات التابعات لها على تنفيذها من أجل عرض مشاكلهن الإدارية على مجالس الاجتماع الدورية. أقول، لو ما استفدت ولا استوعبت إلا هاتين الفائدتين لكفتاني.

بصراحة، أنا مغرم بقراءة السير والمذكرات الشخصية للقيادات السعودية، ورغم ندرتها وشحّها مقارنة بالتطوير الكبير الذي مرت به السعودية في السبعين سنة الماضية (ولكن تلك حكاية أخرى)، إلا أنني منذ مدة طويلة لم أقرأ بمثل جمالية هذه التحفة والقطعة الأدبية والعلمية والإدارية.

صديقي الأكاديمي الشاب، تقول الأميرة إنها أرسلت عشر نسخ من الكتاب لكل مكتبة من مكتبات الجامعات السعودية، أرجوك اذهب لمكتبة جامعتك واطّلع عليه ولا تتوانى في ذلك. اطّلع، حتى ولو كان تخصصك جراثيم أو ثدييات، حتى ولو كنت متخصصا في بذور نباتات القرن الإفريقي أو الأجزاء الداخلية للغواصات. أرجوك، اطّلع، إني لك والله لمن الناصحين.