هناك فئات من الناس يتكلفون بتحريم ما لم يحرمه الله، فتراه يحرم مصطلح (قانون)، ثم تراه يرضى بمصطلح (نظام) و(المُنظِّم) و(السلطة التنظيمية)، ولكنه يأنف من مصطلح (قانون) و(المقنن) و(المُشرع) و(السلطة التشريعية)، في حين أنك لو سألته من هو (الكريم) و(المحسن)، وهكذا من أسماء الله تعالى وصفاته، لأجابك بقوله: إنه الله جلّ وعلا، ثم تراه في معرض مدحه لآخر يقول: (المحسن فلان) و(الكريم فلان)، بل وتراه يقول: (المحسن الكبير فلان) و(الكريم العظيم فلان)، مع أن الله تعالى هو المحسن وهو الكبير وهو الكريم وهو العظيم، وإذا سألته كيف تقول هذا؟! إذ به يبرر بمبررات معقولة ومقبولة وهي من قبيل: أن الله هو صاحب الإحسان الإلهي المطلق وما سواه من الخلق فصاحب الإحسان البشري المقيد، وهكذا، وهذا صحيح، فتقول فلان كريم بصيغة التنكير، وتقول فلان الكريم بصيغة التعريف، ويجوز في (أل) التعريفية أن تكون بمعنى (العهدية) أي الكرم المعهود في الذهن، ويجوز كذلك أن تكون بمعنى (الجنسية) أي جنس الكرم، ولكنه من جنس كرم البشر الناقص المقيد وليس من جنس كرم الخالق الكامل المطلق.

وعليه فإن الذي أجاز لنا التفريق بين الخالق والمخلوق ولو توحدت الكلمة، لأن المعنى والمقصود يختلف مع أنه في اسم من أسماء الله تعالى أو صفة من صفاته، فإن ما سواه من باب أولى كمصطلح التشريع والمشرع ونحوهما.