«الإنسان عدو ما يجهل»، مقولة كثيراً ما نسمعها، ويرددها الكثير حتى تأصلت وأصبحت أسلوب حياة عند البعض تتم ممارسته بطريقة لا إرادية، والدليل على ذلك أنه بين الحين والآخر يلاحظ ذلك حينما يحدث أي حدث جديد، أو يطرأ أي تغيير على النمط المعاش حتى وإن كان الأمر يصب في مصلحة الفرد أو العموم. قد يأتي التوجس من هذا التغيير، حتى لو كان فيه ما يغطي خللاً ما، أو يجسر هوة يعاني منها البعض، بل وحين يبدأ التغيير فإن بعضا ممن يرى بوصلة التغيير تتجه للأفضل يترك ما يراه ويتهجم على هذا التغيير، بل قد يركب موجة من الممانعة والرفض، ما يوحي بأن هذا جزء من ثقافة التمسك بالرأي مهما كان هذا الرأي، والأشد إيلاماً، من يواجه التغيير برفض بلا وعي، وهذا ممن يجري مع الغير بلا رؤية «مع الخيل يا شقراء». وليت مثل هذا يقف مع ذاته ويسأل، هل ما يعتقده من رأي هو الصواب؟ وهل هو اليقين المسلم به وما عداه من رأي يعد خاطئاً ينبغي عدم الالتفات إليه والأخذ به؟ يقينا أنه لو وقف أحدنا بصدق مع النفس أمام هذا السؤال، لوجد أنه ينبغي عليه بل علينا جميعا التجرد من هذا التعصب للرأي، وأن يتأكد أن تعصبه هذا لن يحقق أي فائدة أو نفع له أو لسواه. يجب أن نجعل المرونة نهجنا، وموائمة لكل رأي سديد والتوجه له دون النظر لمصدره، وأن يكون ذلك مطلباً وهدفاً.

وذلك بعد فهم كل رأي وتوجهه وأهمية النظر لمراميه بوعي وإدراك، والأهم هو تجنب كل من يركن بنفسه في زاوية واحدة لا يميل ولا يحيد عنها، وينظر منها ويقيس بها الأشياء، دون أن يفكر في الزوايا الأخرى المقابلة. مثل هذه النظرة المقصورة، ستوارب عنه عين الحقيقة، وتغيب عنه أشياء وأشياء تستحق الإعجاب والمشاهدة. تُغيب عنه صور متكاملة، صور للتغيير شاهدها صاحب النظرة الشاملة.

كم خالجني الأمل في رؤية جيلٍ مرن متقدم، يواكب جميع التغيرات التي تحقق تلك المصلحة المرجوة للفرد وللجميع. ولكن المبهج أن هذه التباشير في أفقها غد مستحق، طلائع سناه يغذيها صباح واعد، تحمله سواعد منجزة وعقول نابهة لتحقق رؤية وطن. وطن له الشموخ والمجد بإذن الله.