ستدخل قمة مجموعة الدول السبع (G7) لهذا العام التاريخ بديناميتها المذهلة فيما يتعلق بالقضية النووية الإيرانية. وللوهلة الأولى، بدا أن الاجتماع في بياريتس، فرنسا، كان الفعل الأخير في جهود الرئيس إيمانويل ماكرون للتوسط بين طهران وواشنطن. فقد وصل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بشكل مفاجئ في خضم القمة. وفي اليوم التالي، صرح الرئيس حسن روحاني: «لو كنت أعلم أن حضور اجتماع وزيارة شخص يساهمان في تنمية بلادي ومعالجة مشاكل الشعب، لما كنت لأفوّتهما»، في إشارة على ما يبدو إلى محادثات محتملة مع الرئيس ترمب. ولكن منذ ذلك الحين، أصدر المسؤولون الإيرانيون تصريحات وشروطا مسبقة تشير إلى أن الحكومات الغربية قد تحتاج إلى بذل مزيد من الجهود قبل أن تعيد طهران استئناف المفاوضات.

في مؤتمر صحفي مشترك عُقد في 26 أغسطس بعد اجتماع القمة، أشار ماكرون إلى أنه في حين «لا شيء منقوشا في الصخر»، إلا أن كثيرا من الجهود قد بُذلت لإعادة طهران وواشنطن إلى طاولة المفاوضات، وأنه «يمكن القول إنه جرى وضع خارطة طريق». وعلى وجه التحديد، قال لروحاني وظريف إنه إذا قبلا بعقد اجتماع مع ترمب، ربما «في الأسابيع القليلة المقبلة» يمكن عندها «التوصل إلى اتفاق». وخلال التعليقات الخاصة للرئيس ترمب عندما كان إلى جانب ماكرون، أعرب عن استعداده للاجتماع بروحاني «إذا كانت الظروف ملائمة»، وشدد على أن إيران تحتاج بشدة إلى هذه المحادثات لأن العقوبات الأميركية أدت إلى تدهور وضعها الاقتصادي.

لكن ما بدا أنه تفاؤل كان سابقاً لأوانه. فبعد أقل من 24 ساعة من انتهاء قمة مجموعة الدول السبع، تراجع المسؤولون الإيرانيون خطوة إلى الوراء. فقد نفى ظريف إمكانية عقد أي اجتماعات مع المسؤولين الأميركيين ما لم تعد واشنطن إلى «خطة العمل الشاملة المشتركة»، بينما أعلن روحاني أن رفع العقوبات يشكل شرطا مسبقا للمفاوضات.

وتكرر الخطاب ذاته في 29 أغسطس، عندما نشرت المجلة الأسبوعية لمكتب المرشد الأعلى علي خامنئي كتابا مفتوحا موجها لروحاني وظريف بعنوان «المفاوضات مع الولايات المتحدة غير واردة حتما». وشددت المقالة الافتتاحية على أهمية مظاهر القوة في العلاقات الدولية، قائلة إن أولئك الذين يؤمنون بأن المفاوضات هي الخيار الوحيد لمعالجة مشاكل إيران لا يدركون أن المحادثات لا تخدم المصلحة الوطنية إلا إذا كانت قوة الجمهورية الإسلامية «في حالة جيدة». ثم أعلنت المقالة أنه لن تُعقد محادثات على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لأن «التفاوض مع الولايات المتحدة أظهر بوضوح أنه لا يخدم المصالح الإيرانية». ورغم أن خامنئي نفسه لم يتحدث علنا منذ قمة مجموعة الدول السبع، إلا أن المقالات الافتتاحية لمكتبه تعبّر عادة عن نهجه الفكري.

قد تبدو التناقضات في رد طهران مربكة للوهلة الأولى، ولكنها تشير على الأرجح إلى أن النظام هو في خضم نقاش داخلي حول ما إذا كان يجب السعي إلى إجراء مناقشات جديدة مع واشنطن وكيفية القيام بذلك. وهذا النقاش يمكن أن ينتهي بدوره إلى تحديد إطار المحادثات بحد ذاتها.

ومنذ انسحاب إدارة ترمب من «خطة العمل الشاملة المشتركة» في العام الماضي، انتقد خامنئي مرارا وتكرارا روحاني وظريف، مما زاد من حدة النزاع المستمر بين معسكر الرئيس «المعتدل» ومعسكر المرشد الأعلى «المحافظ». وعلى وجه التحديد، اتهمهما خامنئي بالوقوع ضحية لخداع الأميركيين خلال المفاوضات النووية، معتبرا أنه لم يكن يجدر بإيران الوثوق بإدارة أوباما أو إجراء محادثات مع واشنطن في المقام الأول. ووفقا لذلك، ربما لم يكن خامنئي يدرك إدراكا تماما أن عرض ظريف في مجموعة الدول السبع سيتحوّل إلى جهد رفيع المستوى لاستئناف المحادثات.

* معهد واشنطن