استكمالا للحديث عن توطين الوظائف في عدة مقالات سابقة تناولت فكرة خلق وظائف (مساعد) التمريض لتخفيف العمل على الكوادر التمريضية المؤهلة، وخلق فرص جديدة للسعوديين في أقسام لا تتطلب حرفية عالية بـ(العيادات الخارجية)، وكان المقالان الثاني والثالث بالسلسلة عبارة عن دق (ناقوس) الخطر لـ(تسونامي) العطالة الطبية بتخصصات الأسنان والصيدلة للسعوديين.

الآن نتحدث عن الوظيفة الإنسانية الأولى عبر التاريخ وهي (التمريض)، وظيفة شرف وعز وعلم وإنسانية، ولم تأخذ حقها من التقدير والاستثمار والتركيز بالخطط الإستراتيجية السابقة.. نتكلم بلغة الأرقام، حيث يوجد لدينا 25 كلية تمريض حكومية، و14 كلية تمريض خاصة بمجموع 39 كلية، ويوجد حاليا 17 ألف طالب وطالبة يدرسون بتلك الكليات، وحسب تقرير واقع القوى العاملة الصادر عن الهيئة السعودية للتخصصات الصحية فإن المتوقع وصول عدد التمريض السعودي (المصنف كأخصائي) في عام 2027 إلى 26 ألف ممرض وممرضة، وإن المملكة تحتاج في ذلك التاريخ إلى إضافة 185 ألف ممرض وممرضة غير سعوديين للوصول للنسب العالمية في ذلك التخصص.

طبعا لا نحتاج أن نكرر أن (مخرجات التعليم) يجب أن تتواكب مع الفرص الوظيفية بسوق العمل، وهذه الجملة أحرقت حناجر كثيرين منذ عقدين من الزمن، ويجب علينا التخطيط لسعودة نسبة كبيرة من تلك الـ180 ألف وظيفة، التي ستكون نقلة نوعية في تاريخ المملكة الحديث عبر عدة خطوات:

1- ربط موضوع القوى العاملة الطبية وتوطين الوظائف بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.

2- تحويل الدعم الحكومي من كليات طب الأسنان والصيدلة والعلوم إلى التركيز ودعم وزيادة ميزانية كليات التمريض.

3- تبني خطة وطنية لرفع مخرجات كليات التمريض التي يعاني بعضها ترديا كبيرا بالجودة.

4- الترغيب في مهنة التمريض ورفع المزايا، خاصة التخصصات ذات الحاجة العالية مثل التخصصات الحرجة.

دون وجود مظلة تشريعية وخطة وطنية تجمع وزارات التعليم والصحة والتخطيط والخدمة المدنية والعمل، سوف يبقى ملف (توطين الوظائف الصحية) ملفا شائكا، ونحن ننادي بالتوطين ولكن بشرط (جودة المخرجات) التي بدونها لن يستقيم الأمر.

ويجب أن تبقى (الهيئة السعودية) جدارا صامدا كما عودتنا بفلترة المخرجات ونشر نتائج مخرجات الكليات كإحدى الخطوات للتمييز بين المخرجات، وقد نحتاج عددا من خطوات الفلترة بالمستقبل حتى وأن أغضبت (طلاب) وكليات مش حالك (أصحاب البكائيات التويترية)، لأن (الجودة) قد تكون القشة التي تقصم ظهر البعير.