القضاء بعدالة يقوم على الشريعة فيما لها علاقة به، وأما ما سواه فيقوم على ما قننه البشر لمصلحة حياتهم بما لا يخالف ثوابتهم الدينية، وبالتالي فالمنهج الحق بألا نقول (أن يكون القضاء موافقاً للدين) وإنما (أن يكون غير مخالف للدين)؛ لأن هناك أموراً دنيوية ضمن الاجتهادات البشرية.

وفي الشأن الديني يجوز فيه الخلاف كقصة حديث (لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة)، وفي الشأن الدنيوي كقصة حديث (أنتم أعلم بأمور دنياكم).

وحتى الشأن الديني يتطور ضمن الأصول والقواعد والمقاصد والسياسة الشرعية، فضلاً عن حاجته لوضعه ضمن أنظمة وقوانين ولوائح، سواء كان في الأنظمة الكبرى أو الموضوعية أو الإجرائية.

والكبرى مثل نظام القضاء، والموضوعية مثل أنظمة العقوبات، والإجرائية مثل أنظمة المرافعات.

وبالتالي فنحتاج لسد الفراغات التشريعية فيما تبقى في الشق الموضوعي، كقانون العقوبات في الجوانب التعزيرية بضبطها وتوحيد اجتهاداتها تحقيقاً للعدالة وفق فقه الجنايات، وقانون الحقوقيات المالية والعقارية المتعلقة بالمحكمة العامة وفق فقه المعاملات أسوة بالمطبق في المحاكم التجارية والعمالية، وقانون الأسرة وفق فقه الأسرة لمحاكم الأحوال الشخصية.

وهذا لن يتأتى إلا بخريجين مؤهلين في الشريعة والقانون معاً، ولذا نحتاج لدمج التخصصين، أو باشتراط دبلومٍ عالٍ لتسوية النقص التأهيلي، فيكون خريج الشريعة بعد دبلوم القانون مؤهلاً للقضاء الحقوقي والجزائي والأسري، وخريج القانون بعد دبلوم الشريعة مؤهلاً للقضاء التجاري والعمالي والإداري.