انتشرت الجمعيات الخيرية ولجان التنمية الاجتماعية ومراكز الأحياء والجمعيات الأهلية المتخصصة في وقتنا الحاضر، انتشارا كبيرا وملحوظا، وهذا مؤشر على زيادة التنمية للإنسان والمكان، وإيجاد البرامج والمشاريع والخدمات التي يحتاجها الإنسان لتلبية متطلباته، وتوفير سبل العيش الكريمة له ولأسرته ومجتمعه.

وهذه الجمعيات على اختلاف برامجها وتخصصاتها تهدف إلى القيام بدور تنموي وإصلاحي كبير، وتشارك من خلال أعمالها وأنشطتها في برامج المسؤولية المجتمعية التي هي جزء من منظومة الحياة المتكاملة التي تعمل على رقي الإنسان وتطور المكان.

إن رؤية المملكة 2030، وهي تهدف إلى تحقيق «وطن طموح، واقتصاد مزدهر، ومجتمع حيوي»، تدفع بهذه الجمعيات إلى المضي في تحمل المسؤولية والمشاركة في توفير الوسائل، وابتكار الطرق التي تخدم أهدافها وتحقق رسالتها.

إن بقاء هذه الجمعيات على نمط معين في عملها وتكرار لبرامجها ومزاحمة غيرها في نفس الفكرة والمشروع، دليل على الفشل وعدم القدرة على التقدم، وهذا ما يجعل هذه الجمعيات تتوقف عن أداء رسالتها وتحقيق أهدافها بعد وقت قصير حينما تتلاشى مواردها ويضعف كيانها.

إن هذه الجمعيات وغيرها حينما تضع خططها وبرامجها على ما يقدم لها من رجال الأعمال والمحسنين والموارد التي تخصص لها من الدولة، فإنها تعجل بالهدم قبل البناء، والفشل قبل النجاح، واليأس قبل الطموح.

إن هذه الجمعيات وغيرها، وهي تصر على العمل مع مجموعة معينة ومنتقاة من مجلس إدارتها وفريق العمل المشارك في تنفيذ أعمالها لمدة طويلة قد تتجاوز عشرات السنين، قد حكمت على المستفيد من خدمتها وعلى خططها وبرامجها بالسجن المؤبد، وحرمان المجتمع من أعمالها.

إن هذه الجمعيات وغيرها، وهي تفاخر بأرقام المستفيدين من خدماتها وكثرة برامجها ومشاريعها في تقاريرها الإحصائية لنهاية العام المالي، ثم يكون لديها خلل في المصروفات وعجز في الإيرادات، لهو دليل واضح على سوء التخطيط، وفقدان الابتكار والتطوير.

نعم نحتاج من القطاع الثالث أن ينمو بالإنسان والمكان، ويساعد في توفير فرص العمل للمستفيدين من خدماته، وتوسيع مصادر الدخل وتنوعها لدعم برامجه وتنفيذ مشاريعه، والاكتفاء الذاتي الذي يحقق له القدرة على البقاء والمنافسة.

نعم نحتاج من القطاع الثالث تبني منصة إلكترونية تهدف إلى جمع الأفكار ودراستها وتنقيحها، ودعم الأفكار التي تخدم أهدافها يسهم وبشكل كبير في نجاح العمل وتميزه، ويجب حفظ الحقوق لأصحابها وإسناد العمل لهم ومساعدتهم في تحقيق ذلك.

نعم نحتاج من القطاع الثالث حفظ ساعات العمل التطوعي للمشاركين، وتنظيم ساعات العمل للمتطوعين، وأن تكون مشاركتهم في البرامج والأنشطة والفعاليات التي تنظمها هذه الجهات حقوقا محفوظة لهم للتميز الوظيفي داخل جهات عملهم الرسمية.

نعم نحتاج من القطاع الثالث أن يدعم برامج البيئة والموهبة والابتكار والتفوق العلمي والأبحاث العلمية، ويكون شريكا أساسيا في التنمية المستدامة، وتحقيق دوره في المسؤولية المجتمعية للنهوض بالإنسان والمكان في بلادنا الغالية.